للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني أن لا يتعدى، كما قال الله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ، وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} فأخبر تعالى أن الانتصار جائز لمن يقدر عليه ولا يعتدي وأن الصبر أفضل، فإذا لم يتوافر الشرطان لم يجز.

وهذا كله إذا لم يكن الباغي الظالم هو الإمام الذي له قوة وأتباع، فإذا كان هو لم يجز الانتصار والانتقام، لما يترتب على ذلك من الشر العريض والفتنة التي فيها من الضرر والفساد أضعاف ما في الانتصار من المصلحة ودفع الظلم.

ولهذا جاء ت النصوص عن النبي- صلى الله عليه وسلم- في النهي عن قتال الأئِمة الجائرين الظالمين.

ففي صحيح مسلم والترمذي أن سلمة بن يزيد الجعفي سأل رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألون حقهم ويمنعوننا حقنا فما تأمرنا، فأعرض عنه مرارا- وهو يعيد السؤال - ثم قال: اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم".

وفي الصحيحين عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "إنها ستكون أثرة وأمور تنكرونها، قالوا: يا رسول الله كيف تأمر من أدرك ذلك منا؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم".

وفيهما أيضا عن ابن عمر، أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم - قال: "وعلى المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره، إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة". وفي صحيح مسلم والنسائي عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "عليك السمع والطاعة، في عُسرك ويُسرك، ومَنشطك ومَكرهك، وأثرة عليك".