وهذا من المواضع التي رجع فيها الزمخشري إلى مذهب سيبويه والجمهور، وهو أنّ حرف العطف إذا تقدمته همزة الاستفهام فإنه يعطف ما بعدها على ما قبلها، وكان مذهبه أن يقدر بين الهمزة وحرف العطف ما يصلح أن يعطف عليه, وإعراب (ولم يك شيئا) : الواو حاليا، و (لم) نافية جازمة، و (يك) مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون على النون المحذوفة للتخفيف، وهذا الفعل المضارع يأتي ناقصاً كماضيه، يرفع المبتدأ على أنه اسمه وينصب الخبر على أنه خبره، فالضمير المستتر فيه العائد على الإنسان اسمه، و (شيئاً) منصوب على أنه خبره، وجملة (ولم يك شيئا) في محل نصب حال من الهاء في (خلقناه) ، والرابط الواو والضمير المستتر في (يك) معا.
الاستفهام الرابع:(أفلا يؤمنون) وقد جاء في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ} . الآية (٣٠) من سورة الأنبياء.
اختلف العلماء في تفسير قوله تعالى في هذه الآية:{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا} .
فقال الطبري في تفسيره:"يقول تعالى ذكره: أولم ينظر هؤلاء الذين كفروا بالله بأبصار قلوبهم فيرَوا بها ويعلموا أن السموات والأرض كانتا رتقا, يقول: ليس فيهما ثقب بل كانتا ملتصقتين، ... وقوله:(ففتقناهما) يقول: فصدعناهما وفرجناهما"اهـ. وقال أبو حيان في تفسيره (البحر المحيط) : "وقالت فرقة: "السماء قبل المطر رتق، والأرض قبل النبات رتق، ففتقناهما بالمطر والنبات. قال ابن عطية:"وهذا قول حسن، ويناسب قوله:{وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيّ} أي من الماء الذي أوجده الفتق"اهـ.