فالترجمة إذن من قبيل السنة المأجور فاعلها لا من قبيل البدعة ولا السنة السيئة المذموم فاعلها. وعلى أي فإن العمل ينتقل من حكم العادة إلى درجات العبادة بنية ودوافع صاحبه فالترجمة التي قصد بها وجه الله وخدمة الإسلام والمسلمين هي التي من قبيل السنة الحسنة.. فالترجمة كغيرها من الأفعال تحمد وتذم وفقا لجهد وصدق أو سوء نية صاحبها.
٢- قيل: إن الترجمة تؤدي إلى إحجام المسلمين غير العرب عن دراسة اللغة العربية التي هي لغة القرآن والاهتمام بها، وهذه بدورها حجة لا تستند إلى دليل، فمجرد الترجمة لا يؤدي إلى هذه النتيجة لأن الترجمة كما يقول محمد أكبر: مجرد محاولة لمساعدة الدارس لفهم وإدراك النص القرآني وليست بأي حال بديلا له [٢٢] .
ومعلوم أيضا أن اللغة العربية تنتشر تبعاً للإسلام وليس العكس فإذا كان ذلك كذلك وإذا كان الغرض من الترجمة هو - نقل معاني القرآن من ناحية وتبليغ دعوة الإسلام لغير العرب من ناحية أخرى.. فينتظر من هذا الجهد كما هو ملحوظ- إدخاله الناس في دين الله أفراداً وأفواجاً.. وهم من بعد دخولهم الإسلام سيدفعون بأكثر من دافع وحافز لتعليم العربية.. لأن الترجمة ليست قرآناً والقرآن هو أساس الإسلام وكل مسلم يحس في نفسه الحاجة الماسة لتعلم العربية حتى يأخذ الإسلام من مصادره الأصلية والمؤثرة.. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
٣- ثم قالوا: إن الترجمة قاصرة عن تحمل المعاني الكثيرة التي أودعها الله القرآن في نظم معجز بحيث لا يستطيع امرؤ أن يحيط بهذا المعاني ولا أن ينقلها بعد المحافظة على إعجازها اللفظي والمعنوي.. هذه دعوى صحيحة على فرض أن الترجمة تعتبر قرآنا الشيء الذي قررنا فساده من قبل وقصور الترجمة عن نقل الإعجاز اللفظي والمعنوي.. كقصور التفسير تماما عن نقله بل إن قصور الأخير أشد ومع ذلك لم يقل أحد ببطلان التفاسير ... بل هي ضرورة عند الجميع.