إذا ثبت بالدليل القاطع أن الترجمة لا تعتبر قرآناً لأن أحداً لم يقل بذلك ولأن الرأي المقيد الذي كان يقول به أبو حنيفة قد صح رجوعه عنه بنفسه، مما يدل على فساده من ناحية أخرى فما حكم ترجمة القرآن على وعي تام بأن الترجمة ليست قرآنا.
أحكامهم على القرآن من خلالها.
وما دام الأمر قد استقر بين المسلمين على أن الترجمة لا تعتبر قرآناً وإنما يقصد بها نقل معاني القرآن بحيث يتسنى للإنسانية الإطلاع عليها والاهتداء بتعاليمها فما علينا إلا أن نعالج المسألة من ناحية موضوعية فنورد ما لها وما عليها في ضوء القواعد الأصولية العامة والمبادئ الشرعية الحاكمة.
والترجمة المقصودة هنا هي نقل لمعاني وأحكام القرآن إلى لغة أخرى أشبه ما يكون الأمر بالتفسير ... كل ما هناك أن التفسير يهتم بإبراز الأحكام بأنواعها بينما تسعى الترجمة لإبراز الأحكام والمعاني تبعا لنقل روح وأهداف وإيقاع العبارة القرآنية ما أمكن [١٣] .
بالرغم من هذا فقد انبرى كما قدمنا فريق من المسلمين وقالوا بعدم جواز ترجمة القرآن وساقوا الحجج الآتية لتأييد ما ذهبوا إليه.
١- إن ترجمة القرآن تعتبر بدعة خطيرة، أما إنها بدعة فلأن الأولين لم يقدموا على مثل هذا العمل وهم أقدر ما يكون عليه وهي في المقام الثاني خطيرة لما يترتب عليها من مفاسد كهجران اللغة العربية من قبل المسلمين غير العرب بعد اكتفائهم بالترجمة في تعلم القرآن ودراسته وتلاوته.
٢- إن إحجام الصحابة ومن بعدهم من المسلمين عن ترجمة القرآن أدى إلى انتشار اللغة العربية فتحقق من أجل ذلك ما لا يحصى من الفوائد بالنسبة للإسلام والمسلمين.
٣- أما عن واجب تبليغ الدعوة للناس كافة فيقول أصحاب هذا الرأي:"الواجب هو تبليغ مجمل الدعوة.. فلا ينبغي كل ما جاء بالقرآن.. بل يجب على تلك الأمم أن تشرع في تعلم العربية فور إسلامها حتى تستكمل دينها".