للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكل نجم في موقعه المتباعد عن موقع اخوته قد وضع هناك بحكمة وتقدير.

٢_خلق الأرض:

ولما كانت طريقة القرآن التي سلكها لبناء العقيدة أن يأخذ الشاهد على وجود الخالق ووحدانيته من مألوفات البشر وحوادثهم المشاهدة المتكررة ليؤكد العقيدة ويثبت قواعدها، بذلك التصور الكامل للوجود كله فلذلك نجده يلفت نظر الإنسان المقصود بتلك الهداية إلى آيات الله العظيمة في خلقه الأرض وما أودع فيها من آيات، والتي إذا تأمل فيها الناظر بفكره وعقله، علم أنها من أعظم آيات فاطرها كما قال تعالى: {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} (الذاريات /٢٠) فقد خلقها الله فراشا ومهادا وذللها لعباده فيسر لهم فيها أرزاقهم وأقواتهم ومعايشهم وجعل لهم فيها السبل ليتمكنوا من التنقل فيها لقضاء حوائجهم وتصرفاتهم، كما أرساها بالجبال لئلا تميد بهم [١٢] فتضطرب حياتهم، ودحاها فمدها وبسطها ووسع أكنافها فجعلها كفاتا للعالم، أحياء وأمواتا [١٣] .

وقد أكثر الله تعالى من ذكرها في كتابه ودعا الناس إلى النظر إليها والتفكر في خلقها وفيما أودعه فيها من آيات وما بث فيها من خيرات، وذكرهم بما في هذا الخلق من دلائل القصد والحكمة، وبين أنه هو الخالق لذلك كله، وليس لمن اتخذوهم آلهة من دونه قدرة على ذلك يقول تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ، هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (لقمان /١٠،١١) .