فالآيات تحكى أقوالهم الصادرة منهم في إنكارهم للبعث، وإعادة الحياة بعد الموت مرة أخرى لهذه الأجسام المتفتتة، فلم تتسع عقولهم ومداركهم، لإعادة هذه العظام خلقا جديدا، بعد أن صارت ترابا، فمنهم من لم ينكروا على الله عز وجل قدرته على إيجاد خلق جديد وإنشاؤه لأنهم يعلمون أنه خالق السموات والأرض، وخالقهم وهم يشاهدون مخلوقاته تحدث باستمرار أمام أعينهم، قال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} . فالخلق والإيجاد مستمر، وإنما أنكروا الإعادة لعظام تفتت، كما قال تعالى حكاية عنهم:{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} . وقد أشرنا في سبب نزولها، أن أبي بن خلف جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عظم رميم وهو يفته ويذروه في الهواء وهو يقول: يا محمد أتزعم أن الله يبعث هذا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نعم يميتك الله تعالى ثم يبعثك ثم يحشرك إلى النار".
هذا ما أنكروه على الرسول صلى الله عليه وسلم واستبعدوا وقوعه، حينما دعاهم إلى الإيمان بالبعث والجزاء في اليوم الآخر، ولذلك فقد ردّ الله على شبههم تلك- فقال ردا على قولهم:{مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} ؟ {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} .
وقال تعالى ردا على قولهم:{أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} بقوله: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} .