ولما كان استبعادهم لإعادتهم للحياة مرة أخرى بعدما شاهدوا من الأدلة لا مكان له، أتبعه بالإخبار القاطع بوقوعها فقال:(قل) أمر للنبي صلى الله عليه وسلم، أي: قل يا محمد مخبرا ومنذرا منكري البعث {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} فهو إخبار قاطع بتلك الإعادة مستند إلى الدليل السابق، وهو النشأة الأولى، مؤكد بتلك الحالة التي يكونون عليها بعد رجوعهم إلى ربهم، في حالة كونهم معترفين بذنبهم، طالبين الرجوع إلى الحياة الدنيا مرة أخرى. ليصلحوا أعمالهم، بعد أن رأوا الخبر اليقين. قال تعالى حاكيا تلك الحالة عنهم وما يقولونه {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} قائلين {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ} والله يعلم أنهم لكاذبون في دعواهم إصلاح أعمالهم إذا رجعوا للحياة مرة أخرى. قال تعالى {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}(الأنعام آية ٣٧- ٣٨) .
٢- النموذج الثالث: من المسلك الثاني:
وفي مطلع سورة الرعد نموذج، يهز المشاعر ويستثير الوجدان، إذ يحتوى على آيات الله الكونية التي يعترف المخاطبون بأنها أنشئت بقدرة الله القوى العزيز يقول تعالى: