{وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ}(السجدة الآيات ٧- ١٣) ، يخبر تعالى أنه أحسن الأشياء التي خلقها فأتقنها وأحكمها، كما قال تعالى {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْء} ومن تلك الأشياء المخلوقة المتجلية فيها بدائع الصنعة خلق الإنسان، ثم شرع في بيان بدء خلقه فقال {وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} .
ويعني به خلق آدم عليه السلام كما قال تعالى {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ} ثم جعل نسله، أي قدر خلق ذريته من تلك النطفة التي تخرج من بين صلب الرجل وترائب المرأة مذكرا لهم بنعمه التي منحهم إياها، من السمع والبصر والعقول، كل تلك القوى التي قلَّ شكرهُم لله عليها أنشأها من تلك النطفة التي عبر عنها بالشيء الممتهن لحقارته، وبعد ذكره تعالى لنشأتهم الأولى المتمثلة في خلق أبيهم آدم. ثم بيانه لكيفية تناسلهم من بعده- وما أنعم به عليهم من القوى الظاهرة والباطنة مما يدلهم على قدرته وحكمته، أورد قضية البعث، إذ لا يعقل- إن كانوا يعقلون- أن يخلقهم الله ويعدهم هذا الإعداد عبثًا، ذلك ظن الذين كفروا.