للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المال ولا ينافيه الفسق بالسكر لما تقدم ولا تبطل بالتعدى فيما وكل فيه مثل لبس الثوب وركوب الدابة وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعى.

والثانى تبطل بذلك لأنها عقد أمانة فبطلت بالتعدى ولنا أنه تصرف بأذن موكله فصح كما لو لم يتعد ويفارق الوديعة من حيث أنها أمانة مجردة فنافاها التعدى والخيانة والوكالة اذن فى التصرف تضمنت الأمانة فاذا انتفت الأمانة بقى الأذن بحاله فعلى هذا لو وكله فى بيع ثوب فلبسه صار ضامنا فاذا باعه صح بيعه وبرئ من ضمانه لدخوله فى ملك المشترى وضمانه فاذا قبض الثمن كان أمانة فى يده غير مضمون عليه لأنه قبضه واذا اشترى به وسلمه زال الضمان وقبضه للبيع قبض أمانة وان ظهر بالمبيع عيب فرد عليه أو وجد هو بما اشتراه عيبا فرده وقبض الثمن كان مضمونا عليه لأن العقد المزيل للضمان زال فعاد ما زال به (١).

ويصح توكيل المسلم كافرا فيما يصح تصرفه فيه سواء كان ذميا أو مستأمنا أو حريبا أو مرتدا لأن العدالة لا تشترط‍ فى صحة الوكالة فكذلك الدين كالبيع فان وكل مسلما فارتد لم تبطل وكالته فى أحد الوجهين سواء لحق بدار الحرب أو أقام. وذلك لأنه يصح تصرفه لنفسه فلم تبطل وكالته كما لو لم يلحق بدار الحرب ولأن الردة لا تمنع الوكالة فلا تمنع استدامتها كسائر الكفر.

وفيه وجه آخر أنها تبطل بالردة اذا قلنا أن المرتد تزول أملاكه وتبطل تصرفاته والوكالة تصرف وان ارتد الموكل فيما له التصرف فيه فأما الوكيل فى ماله فينبى على تصرفه نفسه فان قلنا يصح تصرفه لم يبطل توكيله وان قلنا هو موقوف فوكالته موقوفة وان قلنا يبطل تصرفه بطل توكيله وان وكل فى حالى ردته ففيه الوجوه الثلاثة (٢) وان وكل عبده ثم أعتقه أو باعه لم ينعزل لأن زوال ملكه لا يمنع ابتداء الوكالة فلا يقطع استدامتها.

وفيه وجه آخر انها تبطل لأن توكيل عبده ليس بتوكيل فى الحقيقة انما هو استخدام بحق الملك فيبطل بزوال الملك وهكذا الوجهان فيما اذا وكل عبد غيره ثم باعه السيد والصحيح الأول لأن سيد العبد اذن له فى بيع ماله والعتق لا يبطل الأذن فكذلك البيع الا أن المشترى ان رضى ببقائه على الوكالة والا بطلت وان وكل عبد غيره فأعتقه.

فقال شيخنا لا تبطل الوكالة وجها واحدا لأن هذا توكيل حقيقة والعتق غير مناف له وان اشتراه الموكل منه لم يبطل لأن ملكه اياه لا ينافى اذنه له فى البيع والشراء وان وكل امرأته ثم طلقها لم تبطل الوكالة لأن زوال النكاح لا يمنع ابتداء الوكالة فلم يمنع استدامتها وان تلفت العين التى وكلت فى التصرف فيها بطلت الوكالة لأن محلها ذهب فذهبت الوكالة كما لو وكله فى بيع عبد فمات.

وكذا لو دفع اليه دينارا ووكله فى الشراء بعينه أو مطلقا لأن ان وكله فى الشراء بعينه فقد استحال الشراء به بعد تلفه فبطلت الوكالة وان وكله فى الشراء مطلقا ونقد الدينار بطلت أيضا لأنه انما وكله فى الشراء به ومعناه أن ينقده ثمن ذلك المبيع أما قبل الشراء أو بعده وقد تعذر ذلك بتلفه ولأنه صح شراؤه للزم الوكيل ثمن لم يلزمه ولا رضى بلزومه وان استقرضه الوكيل


(١) المغنى والشرح الكبير المرجع السابق ج‍ ٥ ص ٢١٣ وص ٢١٤، ٢١٥
(٢) المغنى والشرح الكبير المرجع السابق ج‍ ٥ ص ٢١٥