قال ابن حيّان: إليه وإلى صاحبه أبي عمر أحمد بن سعيد بن كوثر انتهت رئاسة بلدهما بعد أبويهما، وكانا على صفاء، وقد فاق منهما محمد بن يعيش أقرانه في العلم، إلى أن جرت بينهما منافسة أيام ابن مسرة أدتهما إلى التقاطع، فمال ابن مسرّة لابن يعيش ونكب ابن كوثر وصيره إلى شنترين ثم دس إليه من قتله، فخلا لابن يعيش مكانه، وتفرد برئاسة البلد، فلما مات ابن مسرة أجمع ابن يعيش ولده واقتطع البلد رئاسة، وقام أمره قيام القاضي أبي القاسم بن عباد بإشبيلية والبكري بغرب الأندلس، وحمى جهته وحسن سياسته، وهو في كل هذا لا يدعى باسم الرئاسة مقتصرا على اسم الفقيه، ولا يفارق زي العلماء، وقد جعل الأمر والاسم لولده عبد الله. وقال ابن بشكوال: وكانت له عناية كثيرة بالعلم، وكان حافظا للفقه، ذاكرا للمسائل، وتولى الأحكام ببلده، ثم صار إليه تدبير الرئاسة به، ونفع الله به أهل موضعه، ثم خلع عن ذلك وصار إلى قلعة أيوب. وقال السّبتي: كان ابن يعيش أمره معدودا في أهل الصلاح والفضل، أخذ من العلم بأوفر نصيب، ووالي الجهاد والحج، وأوسع النفقة في السبيل، وأكثر التلاوة والصلاة، إلى أن ابتلى بحب الدنيا بما يغفره الله له بفضله، ولم يلبث أهل طليطلة أن ملوا دولته وثقل عليهم وطؤه وخلعوه وقتلوا ولده وذلك سنة سبع عشرة وأربع مئة.
توفي بقلعة أيوب سنة ثمان عشرة وأربع مئة، ويقال: توفي في صفر سنة تسع عشرة.