والحياة تاتي بمخلوقات في صور شتى من صور السلف، وتمنح هذه الصور القدرة على تكرار انفسها على مدى اجيال لا حد لها.
والحياة شديدة الخصب في توالدها، حتى انها تعول نفسها، وتطعم من فائضها، ومع ذلك تضبط جميع الكائنات الحية، لتمنع أي مخلوق من مخلوقاتها، من ان يطغى على العالم، فالجراد مثلا لو بقى دون ضابط استطاع في بضع سنين ان يلتهم كل زرع اخضر، وعندئذ تنتهي حياة كل حيوان فوق الارض.
والحياة مثالة، تشكل الكائنات الحية، وهي فنانة، تختط كل ورقة في كل شجرة، وتلون الازهار، والتفاح، والغابات، وريش عصافير الجنة. وهي موسيقية، علمت كل طير كيف يشدو بأغاني غرامه، وعلمت الحشرات كيف ينادي بعضها بعضا بموسيقى اصواتها المتعددة، وهذه الأصوات، سواء أكانت تفيق الضفدعة في الربيع، ام قرق الدجاجة بين صغارها، أم زئير الاسد في صولته، ام تبويق الفيل، تشمل كل (برج النغم) للاحاسيس، ولا يفوقها سوى صوت الإنسان في مرونته المدهشة.
والحياة قد جعلت الإنسان وحده سيداً على تموجات الصوت مجتمعة وزودته بمادة انتاجها: فالمزمار والبوق، والقيتار، وكذا شعر الخيل، والشمع، الذي يمسح به قوس