منذ كانوا إنما كانت وليدة اقتناع وايمان ايا كان حظهما من العمق، ومدهما من الصدق.
فعايد النار أو الحجر أو الحيوان أو الشمس أو القمر إنما عبد معبوداته تلك بعد ان ملكت عليه زمام نفسه، واخذت بمجامع قلبه، وتمثلت له قوة خارقة لا حد لها، اليها مصائر اموره، وعليها مدار ضره ونفعه، فآمن بها واستسلم لها ووجه اليها وجهه وقلبه وعقله.
وسواء أكان هذا الإيمان منبعثا من أعماق النفس ام ملتقى اليها من طريق الايحاء والإغراء، فهو على اية حال ايمان ملك النفس وخالط المشاعر، وبغير هذا لا يكون إيمانا ولا يسمى ديناً، وانه إذا لم يبلغ هذا الحد فستظل نفس الإنسان فارغة خواء، وسيظل الإنسان قلقا مضطربا حتى يقع على الاله الذي يسكن اليه قلبه ويطمئن به وجدانه.
وحين تصل العقول سبيلها إلى الخالق- وما أكثر ما تضل - وتنزل الانسانية إلى هذا الدرك من التفكير والسخف من النظر فتتخذ من الأحجار أربابا، ومن الحيوان آلهة تجثو تحت اقدامها تعبدها وتفني فيها، وتقدم لها النفس والولد على مذبح التضحية زلفى وقربانا، حين تصل الانسانية إلى هذا المدى من الإغراق في الضلال والسفه تجيء رسالة من السماء في ابانها لتخرج الناس من الظلمات إلى النور على يد رسل الله وانبيائه الكرام.