للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقراءة من قرأ: (الأَوْلَيَانِ) لصحة معناها. (١) وذلك لأن معنى:"فآخران يقومان مقامهما من الذين استُحِقّ عليهم الأوليان":فآخران يقومان مقامهما من الذي استُحقّ] فيهم الإثم، (٢) ثم حذف"الإثم"، وأقيم مقامه"الأوليان"، لأنهما هما اللذان ظَلَما وأثِما فيهما، بما كان من خيانة اللذين استحقا الإثم، وعُثر عليهما بالخيانة منهما فيما كان اُّتمنهما عليه الميت، (٣) كما قد بينا فيما مضى من فعل العرب مِثل ذلك، من حذفهم الفعل اجتراء بالاسم، (٤) وحذفهم الاسم اجتزاء بالفعل. (٥) ومن ذلك ما قد ذكرنا في تأويل هذه القصة، وهو قوله:"شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان"، ومعناه: أن يشهد اثنان، وكما قال:"فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنًا"، فقال:"به"، فعاد بالهاء على اسم الله، وإنما المعنى: لا نشتري بقسمنا بالله، فاجتزئ بالعود على اسم الله بالذكر، والمراد به:"لا نشتري بالقسم بالله"، استغناء بفهم السامع بمعناه عن ذكر اسم القسم. وكذلك اجتزئ، بذكر"الأوليين" من ذكر"الإثم" الذي استحقه الخائنان لخيانتهما إيَّاهما، إذ كان قد جرى ذكر ذلك بما أغنى السامع عند سماعه إياه عن إعادته، وذلك قوله:"فإن عثر على أنَّهما استحقا إثمًا".

* * *

وأما الذين قرءوا ذلك (الأَوَّلِينَ) ، فإنهم قصدوا في معناه إلى الترجمة به عن"الذين"، فأخرجوا ذلك على وجه الجمع، إذْ كان"الذين" جميعًا، (٦) وخفضًا،


(١) في المطبوعة والمخطوطة: "بصحة معناها" بالباء، والصواب ما أثبته.
(٢) الذي وضعته بين الأقواس، هو حق السياق والمعنى، فإن السياق يقتضي أن يذكر الآية، ثم يذكر تأويلها، وهكذا فعلت، وهو الصواب إن شاء الله.
(٣) في المطبوعة: "ائتمنهما"، وانظر ما كتبته سالفًا ص: ١٧٢، تعليق ١، ٢، وص: ١٩٣ تعليق: ٤.
(٤) "الفعل"، هو المصدر، كما سلف مرارًا، وانظر فهارس المصطلحات.
(٥) انظر ما سلف ص: ١٦٠.
(٦) في المطبوعة: "جمعا"، وأثبت ما في المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>