للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}

قال أبو جعفر: وقوله جل ثناؤه: (فيتعلمون منهما) ، خبر مبتدأ عن المتعلمين من الملكين ما أنزل عليهما، وليس بجواب لقوله: (وما يعلمان من أحد) ، بل هو خبر مستأنف، ولذلك رفع فقيل:"فيتعلمون". فمعنى الكلام إذًا: وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة، فيأبون قبول ذلك منهما، فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه. (١)

وقد قيل: إن قوله: (فيتعلمون) ، خبر عن اليهود معطوف على قوله:"ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت"،"فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه) . وجعلوا ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم.

* * *

والذي قلنا أشبه بتأويل الآية. لأن إلحاق ذلك بالذي يليه من الكلام، ما كان للتأويل وجه صحيح، (٢) أولى من إلحاقه بما قد حيل بينه وبينه من معترض الكلام.

و"الهاء" و"الميم" و"الألف" من قوله: (منهما) ، من ذكر الملكين. ومعنى ذلك: فيتعلم الناس من الملكين الذي يفرقون به بين المرء وزوجه.

* * *

و"ما" التي مع"يفرقون" بمعنى"الذي". وقيل: معنى ذلك: السحر الذي يفرقون به. وقيل: هو معنى غير السحر. وقد ذكرنا اختلافهم في ذلك فيما مضى قبل. (٣)


(١) يعني الطبري أن في الكلام حذف اجتزأ بفهم سامعه عن ذكره، وهو قوله: "فيأتون قبول ذلك منهما".
(٢) قوله: "ما كان للتأويل. . "، هي ما يقولونه في العربية الركيكة"ما دام للتأويل. . "
(٣) انظر ما سلف: ٤٢٣ - ٤٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>