اللهم لك الحمد السَّرمد، الذي لا يحصيه العدد، ولا يبلغه الأمد، حمدًا كما ينبغي أن تحمد، أنت له أهل، وهو علينا حق، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد، أمَّا بعد.
فقد خصّ الله - سبحانه وتعالى - هذه الأمة ممتنًا عليها بأن أنزل عليها أفضل كتبه، وأرسل إليها خاتم رسله وسيد خلقه، وشرع لها أكمل شريعة لا يشذُّ فعلٌ عن حكمها، وجعلها بين غلو الغالين وتفريط المفرطين، إنه حكيم عليم، ومما مَنّ به علي أن وفقني للالتحاق بالمعهد العالي للقضاء لدراسة المرحلة العليا (الماجستير)، وله الحمد والمنة، وقد اخترت هذا الموضوع ليكون بحثًا تكميليًا لهذه المرحلة، راجيًا منه - سبحانه وتعالى - أنه يكون عملًا مقبولًا وأن يعين -بفضله ورحمته- على تمامه كما وفق لاختياره، وذلك في الفصل الدراسي الثاني من العام الجامعي ١٤٣٠ - ١٤٣١، بإشراف الشيخ د. أحمد بن عبد الرحمن آل الشيخ، وعنوان البحث (العقود المضافة إلى مثلها)(١)، ومرادي من ذلك جمع ودراسة المسائل الفقهية المتعلقة بالعقود التي أضيف فيها العقد إلى عقدٍ آخر من جنسه ونوعه وإن خالف عينه، كمضاربة المضارب وإعارة المعار وإجارة المؤْجَر، وهذه الإضافات تأتي على ثلاثة أضرب:
الأول: إضافة المصدر لفاعله، وذلك نحو توكيل الوكيل، أي أن يوكل الوكيلُ غيرَه، وربما تكون التسمية بما هو أشهر، فتأمين المؤمِّن أشهر منه: إعادة التأمين.
الثاني: إضافة المصدر إلى مفعوله، ومثاله بيع المبيع ورهن المرهون، والمراد أن تُرهَن العين المرهونة مرة أخرى.
الثالث: إضافة المصدر إلى نفسه، وهذا راجع لأحد الضربين السالفين، كمبحث إقالة الإقالة والجعالة على الجعالة.
وهذا المعنى الجامع لمباحث البحث لا يستلزم اتحادَها في الحكم، شأنه في ذلك شأن سائر الدراسات العلمية المبنية على السبر والفحص وجمع الأشباه والنظائر، فلا يلزم أن تتفق حكمًا، بعد أن تنتظم في عقد واحد اسمًا ورسمًا.
واجتمع لي -ولله الحمد- بعد استقراء عددٍ من المطولات جملة صالحة للبحث، وقد قمت ببعض التعديلات والإضافات بعد تسليم البحث ونيل الدرجة بحمد الله تعالى.
(١) أو ترتيب العقود على مثلها، أو بناء العقود على مثلها أو توارد العقود المتفقة على محل واحد.