للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ؛} قال مقاتل والكلبيّ: (نزلت هذه الآية في رجل من غطفان؛ كان في يده مال كثير لابن أخ له يتيم، فلمّا بلغ اليتيم طلب ماله، فمنعه العمّ فترافعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية إلى قوله تعالى: {(إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً)}. فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الرّجل:

أطعنا الله وأطعنا الرّسول ونعوذ بالله من الحوب الكبير، فدفع ماله إليه، فقال صلى الله عليه وسلم:

[من يوق شحّ نفسه ويطيع ربّه هكذا فإنّه يحلّ داره إلى جنّة] فلمّا قبض الصّبيّ ماله أنفقه في سبيل الله، فقال صلى الله عليه وسلم: [ثبت الأجر وبقي الوزر] فقالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عرفنا أنّه ثبت الأجر، فكيف بقي الوزر وهو ينفق في سبيل الله؟ فقال: [ثبت الأجر للغلام؛ وبقي الوزر على والده] لأنّ الوالد كان مشركا) (١).

وإنّما سمّى الله تعالى البالغ يتيما، ولا يتم بعد البلوغ استصحابا بالاسم الأوّل، كما قال تعالى: {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ} (٢) ولا سحر مع السّجود، ولأنه قريب عهد باليتم.

قوله تعالى: {(وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ)} أي لا تبذّروا أموالكم الحلال وتأكلوا الحرام من أموال اليتامى. قال سعيد بن المسيّب والنخعيّ والزهريّ والسدي والضحّاك: (كان أوصياء اليتامى وأولياؤهم يأخذون الجيّد من مال اليتيم، ويجعلون مكانه الرّديء، وربّما كان أحدهم يأخذ الشّاة السّمينة من مال اليتيم، ويجعل مكانها المهزولة، ويأخذ الدّرهم الجيّد ويجعل مكانه الزّيف ويقول: درهم بدرهم؛ فذلك تبديلهم، فنهاهم الله تعالى عن ذلك) (٣).

وقال مجاهد: (معنى الآية: لا تجعل رزقك الحلال حراما؛ تتعجّله بأن تستهلك مال اليتيم، فتنفقه على نفسك، وتحرّ فيه لنفسك وتعطيه غيره، فيكون ما


(١) في أسباب النزول: ص ٩٤ - ٩٥؛ نقله الواحدي النيسابوري. والجامع لأحكام القرآن: ج ٥ ص ٨.
(٢) الاعراف ١٢٠/.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٦٧٣٠) عن السدي، وفي النص (٦٧٢٧) عن النخعي، وفي النص (٦٧٢٨) عن الزهري، وفي النص (٦٧٢٩) عن الضحاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>