وقيل الراسخون في العلم: المتواضعون لله، المتذلّلون في طلب مرضاته، لا يتعاظمون على من فوقهم ولا يحتقرون من دونهم.
وقال بعضهم: الراسخ في العلم من وجد في عمله أربعة أشياء: التقوى بينه وبين الله، والتواضع بينه وبين الخلق، والزهد بينه وبين الدّنيا، والمجاهدة بينه وبين نفسه.
قوله عزّ وجلّ:{رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا؛} أي ويقول الراسخون في العلم ربنا لا تمل قلوبنا عن الحقّ والهدى كما أزغت قلوب اليهود والنصارى، {(بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا)} أي لا تزع قلوبنا بعد إذ أرشدتنا ونصرتنا ووفّقتنا لدينك الحقّ، وقوله:{وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً؛} أي أعطنا من عندك نعمة، وقيل:
لطفا يثبت قلوبنا على الهدى. واسم الرحمة يقع على كلّ خير ونعمة، وقيل معناه:
وهب لنا من لدنك توفيقا وتثبيتا على الإيمان والهدى. وقال الضحّاك:(معناه: وهب لنا تجاوزا ومغفرة).وقيل: هب لنا لزوم خدمتك على شرط السّنة.
وقوله تعالى:{إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهّابُ}(٨)؛أي أنت المعطي والوهّاب الذي من عادته الإعطاء والهبة، وإنّما سمي القلب قلبا لتقلّبه، وإنّما مثل القلب مثل ريشة بفلاة من الأرض، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:[إنّ قلب ابن آدم مثل العصفور يتقلّب في اليوم سبع مرّات](١).
قوله عزّ وجلّ:{رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ؛} أي يقولون ربّنا إنك محيي الناس بأجمعهم بعد الموت جزاء؛ (ل) جزاء (يوم لا ريب فيه) أي لا شكّ فيه يعني يوم القيامة.
قوله عزّ وجلّ:{إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ}(٩)؛أي لا يخلف الله ما وعد من البعث والحساب والميزان والجنّة والنار.
(١) في الدر المنثور: مج ٢ ص ١٥٥؛ قال السيوطي: «أخرجه ابن أبي الدنيا في الإخلاص والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي عبيدة بن الجراح».أخرجه الحاكم في المستدرك: كتاب الرقاق: الحديث (٨٠٠٥) وقال: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه» وسكت عنه الذهبي في هذا الموضع، وأخرجه الحاكم في الرقم (٧٩٢٠)،وقال الذهبي: فيه انقطاع.