للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ؛} يعني أشهدوا على الحقّ شهيدين من الأحرار البالغين دون الكفار والعبيد والصبيان، وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعيّ وسفيان وأكثر الفقهاء. وأجاز شريح وابن سيرين شهادة العبيد، وأجاز بعضهم شهادتهم في الشيء التافه.

قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ؛} الآية، أي فإن لم يكن الشاهدان رجلين فليكن رجل وامرأتان. قوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ؛} أي ممّن ترضون عدالته وأمانته. والمرضيّ: من يجتمع فيه ثلاثة أشياء:

أحدها: العدالة، وأصلها الإيمان واجتناب الكبائر ومراعاة حقوق الله من الواجبات والمسنونات وصدق «الحديث» (١) وأداء الأمانة.

والثاني: نفي التهمة؛ نحو أن لا يكون المشهود له ولدا ولا والدا ولا زوجة ولا زوجا، فإن شهادة هؤلاء غير مقبولة لما ذكرنا، وإن كانوا عدولا مرضيّين.

الثالث: التيقّظ وقلة الغفلة وأن لا يكون كثير الغلط.

قال النخعيّ: (الرّجل العدل: هو من لم يظهر فيه ريبة).وقال الشعبيّ: (هو من لا يطعن عليه في بطن ولا فرج).وقال الحسن: (هو من لم يعلم له خيانة).

وقال صلّى الله عليه وسلّم: [لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة؛ ولا مجلود؛ ولا ذي حقد على أخيه؛ ولا من جرت عليه شهادة زور؛ ولا الخادم مع أهل البيت] (٢).وعن ابن عباس قال: سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الشّهادة؟ فقال: [أترى هذه الشّمس؟] فقال:

نعم، قال: [على مثلها فاشهد أو دع] (٣).


(١) فراغ في الأصل.
(٢) في كنز العمال: (١٧٧٥٤ - ١٧٧٥٩)،والحديث عن ابن عمر وعائشة وابن عمرو وسليمان بن موسى، أخرجه أبو داود في السنن: كتاب الأقضية: باب من ترد شهادته: الحديث (٣٦٠٠ - ٣٦٠٢).والترمذي في الجامع: أبواب الشهادات: الحديث (٢٢٩٨) وضعفه. وابن ماجة في السنن: كتاب الأحكام: باب من لا تجوز شهادته: الحديث (٢٣٦٦).والدارقطني في السنن: ج ٤ ص ٢٤٤.برواياته: كتاب الأقضية والأحكام: الحديث (١٤٣ - ١٤٧).
(٣) أخرجه الحاكم في المستدرك: كتاب الأحكام: باب الصدق طمأنينة والكذب ريبة: الحديث-

<<  <  ج: ص:  >  >>