للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن جريج: (من أدان دينا فليكتب، ومن باع فليشهد) (١).يدلّ عليه ما روي أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: [ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: رجل كان له دين فلم يشهد، ورجل أعطى سفيها مالا وقد قال تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ} (٢)، ورجل كانت عنده امرأة سيّئة الخلق فلم يطلّقها] (٣).

وقال قوم: هو مستحبّ؛ وإن كتب فحسن وإن ترك فلا بأس، كقوله تعالى:

{وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا} (٤) وقوله تعالى: {فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا} (٥).

قوله تعالى: {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ؛} قرأ الحسن: «(وليكتب)» بكسر اللام وهذه لام الأمر، وهي إذا كانت مفردة «سكّنت» طلبا للخفّة، ومنهم من يكسرها فليس فيها إلا الحركة، وإذا كان قبلها (واو) أو (فاء) أو (ثمّ) فأكثر العرب على تسكينها طلبا للخفّة. ومنهم من يكسرها على الأصل.

ومعنى هذه الآية: وليكتب كاتب بين البائع والمشتري؛ والطالب والمطلوب بالحقّ والإنصاف، فلا يزاد فيه ولا ينقص منه، ولا يقدّم الأجل ولا يؤخّره.

قوله تعالى: {وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ؛} أي لا يمتنع أن يكتب كما ألهمه الله شكرا لما أنعم عليه حيث علّمه الكتابة وأحوج غيره إليه؛ {فَلْيَكْتُبْ}.

واختلفوا في وجوب الكتابة على الكاتب؛ والشهادة على الشاهد؛ فقال مجاهد والربيع: (واجب على الكاتب أن يكتب) (٦).وقال الحسن: (ذلك في الموضع الّذي لا يقدر فيه على كاتب غيره، فيضرّ بصاحب الدّين إن امتنع، فإنّ الكتابة حينئذ عليه


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٤٩٥٠).
(٢) النساء ٥/.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: كتاب النكاح: باب المرأة الصالحة والسيئة الخلق: الأثر (١٧١٣٨) عن أبي موسى الأشعري. والحاكم في المستدرك: تفسير سورة النساء: الحديث (٣٢٣٥)،وقال: «حديث صحيح على شرط الشيخين».
(٤) المائدة ٢/.
(٥) الجمعة ١٠/.
(٦) عن مجاهد أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٥٠٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>