للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصّفات كلّها لا تنبغي إلاّ له» (١).

وقال قتادة: «الصّمد: الباقي بعد فناء خلقه» (٢)،وقيل: هو الدائم، وقال السديّ: «الصّمد المقصود إليه في الرّغائب، المستعان به عند المصائب»، والعرب تسمي السيّد الصمد، قال الشاعر:

ألا بكّر النّاعي بخير بني أسد ... بعمر وبن مسعود وبالسّيّد الصّمد

وعن أبيّ بن كعب قال: «الصّمد الّذي لم يلد ولم يولد؛ لأنّه لا شيء يلد إلاّ سيورث، وليس شيء يولد إلاّ سيموت، والله سبحانه لا يورث ولا يموت» (٣).

وكتب أهل البصرة إلى الحسن بن عليّ يسألوه عن معنى الصّمد، فكتب إليهم:

«بسم الله الرّحمن الرّحيم: أمّا بعد؛ فلا تخوضوا في القرآن بغير علم، فإنّ الله جلّ ذكره قد فسّر الصّمد فقال: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ».

وعن محمّد بن الحنفية قال: «الصّمد الغنيّ عن غيره»،وعن زيد بن عليّ قال: «الصّمد الّذي أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون».

قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (٣)؛أي لم يلد أحدا فيرث ملكه، ولم يولد عن أحد فيرث عنه الملك، والحاصل من هذا يرجع إلى نفي الحدث والحاجة عن الله تعالى؛ لأنه لو كان مولودا لكان محدثا، ولو كان له ولد لكان محتاجا، لأن أحدا لا يستولد إلاّ لحاجته إلى الولد والاستمتاع، والله تعالى منزّه عن هذه الصّفات كما قال تعالى {بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (٤).


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٩٦٣٥).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٩٦٣٦).
(٣) في الدر المنثور: ج ٨ ص ٦٦٩؛ قال السيوطي: (أخرجه أحمد والبخاري في التاريخ والترمذي وابن جرير وابن خزيمة وابن أبي حاتم في السّنة والبغوي في معجمه وابن المنذر في العظمة والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء عن أبي بن كعب رضي الله عنه).
(٤) الأنعام ١٠١/.

<<  <  ج: ص:  >  >>