للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ} (١٠)؛أي وبيّنا له وعرّفناه الخير والشرّ، ليسلك طريق الخير، ويجتنب طريق الشرّ، وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنّه قرأ {(وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ)} وقال: [أيّها النّاس إنّهما نجدان: نجد الخير، ونجد الشّرّ] (١).

وقيل: معنى {(وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ)}:ألهمناه مصّ الثّديين، والثديان هما النّجدان، وهذا قول سعيد بن المسيّب والضحاك، ورواية عن ابن عبّاس.

قوله تعالى: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} (١١)؛معناه: فلا جاد بماله بإنفاقه في طاعة الله، وهلاّ دخل في عمل البرّ، وأنفق ماله في فكّ الرّقاب وإطعام الجياع ليجاوز العقبة، فيكون خيرا له من إنفاقه في عداوة محمّد صلّى الله عليه وسلّم.

وقال مجاهد والضحّاك والكلبيّ: «يعني بالعقبة الصّراط، يضرب على جهنّم كحدّ السّيف مسيرة ثلاثة آلاف سنة سهلا وصعودا وهبوطا، بجنبيه كلاليب وخطاطيف كأنّها شوك السّعدان، فناج سالم، وناج مخدوش، ومكردس في النّار منكوس.

ومن النّاس من يمرّ عليه كالبرق، ومنهم من يمرّ عليه كالرّيح، ومنهم كالفارس، ومنهم كالرّجل يعدو، ومنهم كالرّجل يمشي، ومنهم من يزحف ومنهم الزّالق.

واقتحامه على المؤمن كما بين صلاة العصر إلى العشاء».

وقال قتادة: «هذا مثل ضربه الله تعالى، يقال: إنّ المعتق والمطعم يقاحم نفسه وشيطانه مثل من يتكلّف صعوده»،قال ابن زيد: «معنى الآية: فهلاّ سلكت الطّريق الّذي فيها النّجاة» (٢).

ثمّ بيّن ما هي، قوله تعالى: {وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ} (١٢)؛تعظيم لشأن العقبة، تقول: ما أعلمك يا محمّد بأيّ شيء تجاوز عقبة الصّراط، قال سفيان


(١) في الدر المنثور: ج ٨ ص ٥٢٢؛قال السيوطي: (أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه من طرق عن الحسن رضي الله عنه ... ) وذكره. وأخرجه الطبري في جامع البيان: النصوص (٢٨٨٩٩).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٨٩٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>