قوله تعالى: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى (٥٠) وَثَمُودَ فَما أَبْقى} (٥١)؛ معناه: وأنه أهلك قوم هود بريح صرصر، وهم أوّل عاد كانوا، وأوّل عاد الأخرى فاقتتلوا فيما بينهم فتفانوا بالقتل، وكانت عاد الأخرى من نسل عاد الأولى.
وقرأ نافع وأبو عمرو ويعقوب: «(عادا الأولى)» مدغما، وهمز الواو نافع، وقرئ بإسكان اللام وإثبات الهمز وهي الأصل في الكلام (١).
قوله تعالى: {(وَثَمُودَ فَما أَبْقى)} وأهلك قوم صالح بالصّيحة فما أبقى منهم أحدا.
قوله تعالى:{وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ؛} أي وأهلكنا قوم نوح من قبل عاد وثمود، {إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى}(٥٢)؛من غيرهم، لأنّ نوحا عليه السّلام لبث فيهم ألف سنة إلاّ خمسين عاما فما آمن منهم إلاّ أنفس يسيرة.
قوله تعالى:{وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى}(٥٣)؛معناه: وقرى قوم لوط الأربع رفعها جبريل إلى السّماء الدنيا فأسقطها إلى الأرض. والمعنى: أهواها جبريل إلى الأرض بعد ما رفعها، وأتبعهم الله الحجارة، فذلك
قوله تعالى:{فَغَشّاها ما غَشّى}(٥٤)؛يعني الحجارة والجزاء والنّكال. وسميت المؤتفكة من قولهم:
أفكته؛ أي قلبته، والمؤتفكة هي المنقلبة.
قوله تعالى:{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى}(٥٥)؛أي فبأيّ نعم ربك أيّها الإنسان تتشكّك وترتاب، قال ابن عبّاس:(يريد: فبأيّ نعم ربك الّتي تدلّ على وحدانيّته تشكّك وتكذّب يا وليد) يعني الوليد بن المغيرة.
وذلك أنّ الله تعالى لمّا عدّد ما فعله مما يدلّ على وحدانيّته قال {(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى)}.فإن قيل: ما معنى ذكر النّعم ههنا وقد تقدّم ذكر الإهلاك؟ قلنا: إنّ النّعم التي عدّت قبل هذه نعم علينا لما نالنا فيها من المزاجر، كيلا يسلك منا أحد مسالكها.