للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقال: وزرت الشّيء آزره إذا حملته، والأوزار: الأحمال، ويسمّى الإثم وزرا؛ لأن الإثم يثقل صاحبه، كما قال تعالى {وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ، الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} (١).ويسمّى الوزير وزيرا ليحمل ثقل الملك في قيامه بالتدبّر.

قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى} (٣٩)؛أي ليس له إلاّ جزاء ما عمل من خير وشرّ، وهذا عطف على قوله تعالى {(أَلاّ تَزِرُ وازِرَةٌ)} وهو أيضا مما في صحف موسى وإبراهيم.

وقوله تعالى: {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى} (٤٠)؛معناه: وإنّ عمله سوف يرى في الأخرى في ديوانه وميزانه،

{ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى} (٤١)؛لا ينقص من ثواب عمله شيء.

قوله تعالى: {وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى} (٤٢)؛أي منتهى العباد ومصيرهم، وهو مجازيهم بأعمالهم. وقيل: منه ابتداء المنّة وإليه انتهاء الآمال.

وعن أبي بن كعب عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قوله تعالى {(وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى)} قال:

[لا فكر في الرّب] (٢).والشاهد في هذا الحديث قوله صلّى الله عليه وسلّم: [إذا ذكر الله فانتهوا] (٣).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أصحابه وهم يتفكّرون، فقال: [فيم أنتم تتفكّرون؟] قالوا: نتفكّر الخالق، فقال: [تفكّروا في الخلق ولا تتفكّروا في الخالق، فإنّه لا يحيط به الفكر، تفكّروا في أنّ الله خلق السّماوات سبعا والأرض سبعا ثخانة؛ كلّ أرض خمسمائة عام، وما بين كلّ أرضين خمسمائة عام، وما بين السّماء والأرض خمسمائة عام، وثخانة كلّ سماء خمسمائة عام، ما بين كلّ


(١) الانشراح ٢/ و ٣.
(٢) في الدر المنثور: ج ٧ ص ٦٦٢؛ قال السيوطي: (أخرجه الدارقطني في الافراد والبغوي في تفسيره عن أبي بن كعب) وذكره. وقال: (وأخرجه أبو الشيخ في العظمة عن سفيان).وذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ١٢٥٠.وأبو الشيخ في العظمة: الأثر (٦/ ٦ و ٩/ ٩):ص ١٩ عن سفيان الثوري.
(٣) أخرجه ابن عدي في الكامل في الضعفاء: ج ٤ ص ٣٩٦،وفيه عبيد الله بن أبي حميد، أجمعوا على ضعفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>