للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي الرؤية قالت عائشة رضي الله عنها: (من زعم أنّ محمّدا رأى ربّه فقد أعظم الفرية على الله عزّ وجلّ، ومن حدّثك أنّه يعلم الخمس من الغيب فقد كذب، قال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ} (١)،ومن حدّثك أنّ محمّدا كتم شيئا من الوحي فقد كذب) (٢)،قال عبد الرزاق: (فذكرت هذا الحديث لمعمّر فقال: ما عائشة عندنا بأعلم من ابن عبّاس) (٣).

قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى} (١٤)؛ أي رأى محمّد جبريل مرّة أخرى، فسمّاها (نزلة أخرى) على الاستعارة، وذلك أنّ جبريل رآه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على صورته التي خلق عليها مرّتين، مرّة في الأرض بالأفق الأعلى، ومرّة في السماء عند سدرة المنتهى، ولأنه قال (نزلة أخرى) تقديره: ولقد رآه نازلا نزلة أخرى.

والسّدرة: هي شجرة النّبق، وههنا شجرة في السّماء السابعة، قيل: إنّها شجرة طوبى، وقال الكلبيّ: (هي شجرة عن يمين العرش فوق السّماء السّابعة، نبقها مثل قلال هجر وورقها مثل آذان الفيلة، يخرج من باطنها نهران باطنان ونهران ظاهران.

أمّا الباطنان ففي الجنّة، وهما التّسنيم والسّلسبيل-وقيل: التّسنيم والكوثر.

وأمّا الظّاهران فالنّيل والفرات، وهي تحمل لأهل الجنّة الحليّ والحلل وجميع الثّمار، وسمّيت المنتهى؛ لأنّه ينتهي إليها كلّ ملك مقرّب ونبيّ مرسل، لا يعلم ما وراءها إلاّ الله سبحانه).

وقال ابن مسعود: (سمّيت المنتهى؛ لأنّه ينتهي إليها ما يصعد به من الأرض فيقبض فيها، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها، فيقبض فيها) (٤).والمنتهى: موضع الانتهاء.


(١) لقمان ٣٤/.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (٢٥١٣٧ و ٢٥١٣٨) و (٢٥١٤٤)،وإسناده صحيح.
(٣) تفسير عبد الرزاق: ج ٣ ص ٢٥٢: النص (٣٠٣٢).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٥١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>