للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومعنى قوله تعالى {(قابَ قَوْسَيْنِ)} أي قدر قوسين، يقال {(قابَ قَوْسَيْنِ)} وقيب قوسين وقيد قوسين، كلّ بمعنى واحد. والتّدلّي في اللغة: هو الامتداد إلى جهة الأسفل، ومنه تدلّى القبر، ومنه إدلاء الدّلو وهو إرسالها في البئر.

ومن الدليل على أنّ المراد بشديد القوى جبريل عليه السّلام، قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} (١) {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} (٢) وهو مطلع الشّمس.

قوله تعالى: {فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى} (١٠)؛أي فأوحى جبريل عليه السّلام إلى عبد الله محمّد صلّى الله عليه وسلّم ما أمره الله أن يوحيه إليه، ويجوز أن يكون معناه: فأوحى الله إلى عبده ما أوحى، قال سعيد بن جبير: (أوحي إليه: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى}.

{وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى .. }. إلى قوله تعالى {وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ} (٣)).وقيل: أوحى إليه (أنّ الجنّة محرّمة على الأنبياء حتّى تدخلها، وعلى الأمم حتّى تدخلها أمّتك) (٤).

قوله تعالى: {ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى} (١١)؛أي ما كذب فؤاد محمّد صلّى الله عليه وسلّم فيما رآه ببصره من صورة جبريل عليه السّلام، ومن عجائب السّماوات؛ يك قبل القلب ذلك (٥)،وأيقن أنّ ما رآه حقّ، كما هو لم يشكّ فيه ولا أنكره ولم يعتقد عن تخيّل ولا أخبر عن توهّم. وقرأ الحسن وأبو جعفر وقتادة وابن عامر: «(ما كذّب الفؤاد)» بالتشديد؛ أي ما كذّب قلب محمّد ما رأى بعينه تلك الليلة، بل صدّقه وحقّقه.

وقيل: هذا إخبار عن رؤية النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليلة المعراج ربّه! قال ابن عبّاس: (رأى محمّد ربّه بفؤاده ولم يره بعينه، ويكون ذلك على أنّ الله جعل بصره في فؤاده أو


(١) التكوير ١٩/-٢٠.
(٢) التكوير ٢٣/.
(٣) الانشراح ٤/.
(٤) ذكره الثعلبي في الكشف والبيان: ج ٩ ص ١٣٩.
(٥) هكذا العبارة في المخطوط، وهي مضطربة غير واضحة. وحاولت أن أقربها من معنى يفيده رسم الحرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>