للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{سُجَّداً؛} أي راكعين وساجدين يكثرون الصلاة لله، {يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً؛} يعني الجنّة، ورضى الله تعالى.

قوله: {سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ؛} أي علامة التهجّد ظاهرة على وجوههم من كثرة السّجود بالليل، والمعنى يتبيّن في وجوههم أثر السّهر، قال الضحّاك: (إذا سهر أصبح مصفرّا) (١)،وقال عطيّة: (مواضع السّجود أشدّ بياضا في يوم القيامة) (٢).وقال مجاهد: (يعني الأثر: الخشوع والتّواضع والسّمت الحسن) (٣).

وقال عكرمة: (هو التّراب على الجباه لأنّهم يسجدون على التّراب لا على الثّياب) (٤).

وقال الحسن في وصفهم: (إذا رأيتهم حسبتهم مرضى، وما بالقوم مرض، ويقول: لعلّهم خولطوا في عقولهم، والله لقد خالطهم أمر عظيم).يريد بذلك ما في قلوبهم من خوف الآخرة.

وقال بعضهم: (سيماهم في وجوههم من أثر السّجود) هو نور يجعله الله في وجوههم يوم القيامة، يعرفون بتلك العلامة أنّهم سجدوا في الدّنيا كما قال الله {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} (٥)،وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: [تحشر أمّتي يوم القيامة غرّا محجّلين من آثار الوضوء] (٦).

وقال منصور: (سألت مجاهد عن قوله: (سيماهم في وجوههم من أثر السّجود) قال: ليس هو الأثر الّذي يكون في جبهة الرّجل مثل ركبة البعير، فقد يكون ذلك برجل هو أقسى قلبا من الحجارة، ولكن هو نور في وجوههم من


(١) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ١٢١٥.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٤٤٧٥).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٤٤٨٠).
(٤) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ١٢١٥.
(٥) آل عمران ١٠٦/.
(٦) أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب الرقاق: باب الحشر: الحديث (٦٥٢٤ و ٦٥٢٥).ومسلم في الصحيح: كتاب الجنة وصفة نعيمها: باب فناء الدنيا: الحديث (٢٨٦٠/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>