وقوله تعالى:{أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ}(٥٣)؛أي متتابعين يعينونه على أمره الذي بعث له، ويشهدون له بصدقه. والمعنى: أنّ فرعون قال: هلاّ جاء معه الملائكة متعاونين يمشون معه فيدلّون على صدقه بنبوّته.
قوله تعالى:{فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ؛} أي استخفّ فرعون عقول قومه القبط فوجدهم خفاف العقول فأطاعوه على تكذيب موسى، {إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ}(٥٤)؛أي خارجين عن أمرنا.
وقوله تعالى:{فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ؛} أي فلمّا أغضبونا انتقمنا منهم، وجازيناهم على معاصيهم، {فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ}(٥٥).والآسف:
الغضب في هذه الآية، وأصله في اللغة: الحزن، إلاّ أن الحزن لا يجوز في صفات الله.
وقوله تعالى:{فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً؛} أي متقدّمين، وقيل: سلفا إلى النار، {وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ}(٥٦)؛يتمثّل بهم في الهلاك إلى آخر الدّهر.
وقرأ حمزة «(سلفا)» بالضمّ في السين واللام: جمع سليف وهو الماضي مأخوذ من سلف بضمّ اللام يسلف؛ أي تقدّم فهو سليف. ومن قرأ «(سلفا)» بضمّ السين وفتح اللام فهو جمع سلفة وهي الفرقة التي قد مضت.
قوله تعالى:{*وَلَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}(٥٧)؛قال ابن عبّاس رضي الله عنهما:(لمّا نزل قوله تعالى {إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ .. }. الآية، قرأها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال ابن الزّبعرى: أخاصّ هذا أم عامّ؟ فقال:[عامّ] فقال ابن الزّبعرى: فإنّ عيسى تعبده النّصارى، فهو والنّصارى في النّار، وعزير تعبده اليهود، وخزاعة تعبد الملائكة، فإن كان هؤلاء في النّار فآلهتنا خيرا منهم، فأنزل الله تعالى {(وَلَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً))} (١).
(١) في معالم التنزيل: ص ١١٧٠؛ قال البغوي: (قال ابن عباس وأكثر المفسرين: إن الآية نزلت في مجادلة عبد الله بن الزبعرى مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في شأن عيسى).وحكاه مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ١٩٣ - ١٩٤.والقصة أخرجها ابن هشام في السيرة النبوية: ج ١ ص ٣٨٥.