{فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ}(٤٩)؛أي يصير آيس شيء من عود النّعمة، وزوال المكروه عنه، فيضجر على ذلك غاية الضّجر.
قوله تعالى:{وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنّا؛} أي نعمة منّا، {مِنْ بَعْدِ ضَرّاءَ مَسَّتْهُ؛} من بعد مكروه مسّه، {لَيَقُولَنَّ هذا لِي؛} أي بفضلي وقوّتي وعمل استحققته، وهذا من اختلاف الكفّار. قوله تعالى:{وَما أَظُنُّ السّاعَةَ قائِمَةً؛} هذا يدلّ على أنّ هذا الإنسان كافر.
قوله تعالى:{وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى؛} أي لست على يقين من البعث، فإن كان الأمر على ذلك ورددت إلى ربي أنّ لي عنده الجنة ويعطيني في الآخرة أفضل ما أعطاني في الدّنيا. قال الله تعالى:{فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ}(٥٠)؛وعيد لهم.
قوله تعالى:{وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ؛} أي اذا أنعمنا على الكافر أعرض عن الطاعة والشّكر وتباعد عن الواجب كبرا، {وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ}(٥١)،وإذا أصابه مكروه الدّهر فإذا هو يئس يدعو الله ليكشف ذلك عنه.
والمعنى بقوله تعالى {(دُعاءٍ عَرِيضٍ)} أي كثير لا يملّ من الدّعاء. وإنّما لم يقل:
طويل؛ لأن ذكر العريض أبلغ في باب الامتداد والانبساط، لأن العريض يدلّ على الطويل، ولا يدلّ الطويل على العريض.
قوله تعالى:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ؛} أي قل يا محمّد لأهل مكّة: أرأيتم إن كان القرآن من عند الله، {ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ؛} عن الحقّ والهدى، {مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ}(٥٢)؛خلاف للحقّ بعيد عنه، وهو أنتم، فلا أحد أضلّ منكم.
وقوله تعالى:{سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ؛} أي سنريهم دلائل التوحيد من مسير النّجوم وجريان الشّمس والقمر طلوعا وغروبا على مرّ الدّهور، وفي الأرض من الجبال والأودية والأشجار. قوله تعالى: {(وَفِي أَنْفُسِهِمْ)} من مخارج الأنفاس ومجاري الدّم وموضع العقل والفكر والفهم وآلات الكلام.