للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أشير عليكم إلاّ ما أراه حقّا من الصواب في أمر موسى، {وَما أَهْدِيكُمْ إِلاّ سَبِيلَ الرَّشادِ} (٢٩)؛أي ما أعرّفكم إلاّ طريق الهدى.

قوله تعالى: {وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ} (٣٠)،معناه: وقال لهم الرجل المؤمن: إنّي أخاف عليكم في قتله وترك الإيمان به أن ينزل بكم من العذاب،

{مِثْلَ دَأْبِ،} مثلما نزل بالأمم الماضية قبلكم حين كذبوا رسلهم، {قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ}.

وقوله تعالى: {وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ} (٣١)؛أي لا يعاقب أحدا بلا جرم.

قوله تعالى: {وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ} (٣٢)؛يعني يوم القيامة ينادى فيه كلّ أناس بإمامهم، وينادي فيه أهل النار أهل الجنة، وأهل الجنة أهل النار، وينادى فيه بسعادة السعداء وشقاوة الأشقياء، وأصله: يوم التّنادي بإثبات الياء كما في التّناجي والتّقاضي، إلاّ أنّ الياء حذفت منه كما حذف من قوله تعالى {يَوْمَ يَدْعُ الدّاعِ} (١) وشبه ذلك.

وقيل: سمّي يوم التّنادي؛ لأنّ الكفّار ينادون فيه على أنفسهم بالويل والثّبور، كما قال تعالى {لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً} (٢)،وقيل في معنى ذلك: أنه ينادي المنادي ألا أنّ فلان بن فلان سعد سعادة لا شقاوة بعدها أبدا، وينادي: ألا إنّ فلان بن فلان شقي شقاوة لا سعادة بعدها أبدا.

وقرأ الحسن: «(يوم التّنادي)» بإثبات الياء على الأصل (٣).وقرأ ابن عبّاس: «(يوم التّنادّي)» بتشديد الدال على معنى يوم التنافر، وذلك إذا هربوا فندّوا في الأرض كما يندّ الإبل إذا شردت على أصحابها.

قال الضحاك: (إذا سمعوا بزفير النّار نادوا هربا، فلا يأتوه قطرا من الأقطار إلاّ وجدوا ملائكة صفوفا، فيرجعون إلى المكان الّذي كانوا فيه، فذلك قوله تعالى


(١) القمر ٦/.
(٢) الفرقان ١٤/.
(٣) نقله الفراء في معاني القرآن: ج ٣ ص ٦.والزجاج في معاني القرآن وإعرابه: ج ٤ ص ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>