للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وطاوع الابن بالتمكين من الذبح، ففعل كلّ واحد منهما ما أمكنه وإن لم يحقّقوا الذبح، وكان قد رأى في المنام معالجة الذبح ولم يرق الدم، ففعل في اليقظة ما رأى في المنام، فلذلك قيل له: {(قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا)} وتمّ الكلام. ثم قال {إِنّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (١٠٥)؛أي هكذا نجزي كلّ محسن ممن سلك طريقهما في الانقياد لأمر الله، وجميل الصبر على ابتلائه.

قوله تعالى: {إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ} (١٠٦)؛أي لهو الاختبار البيّن فيما يوجب النعمة والنقمة، وأيّ اختبار أعظم من أن يؤمر الشيخ الكبير بذبح الولد العزيز بيده.

وقوله تعالى: {وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} (١٠٧)،أي بكبش عظيم؛ أي أقمنا الذبح مقامه وجعلناه بدلا عنه.

وعن عطاء بن يسار قال: (لمّا بلغ إسماعيل سبع سنين رأى إبراهيم عليه السّلام أنّه يذبح، فأخذ بيده ومضى به إلى حيث أمر حتّى انتهى إلى منحر البدن اليوم، فقال:

يا بنيّ إنّ الله أمرني بذبحك، قال إسماعيل: فأطع ربّك.

ففعل إبراهيم، فجعل ينحره في حلقه، نحر في فأس لم تؤثّر فيه الشّفرة، فشحدها مرّتين أو ثلاثا بالحجر، وفي كلّ لا يستطيع، فرفع رأسه فإذا هو بكبش قد رعى في الجنّة أربعين خريفا).

قال الحسن بن الفضل: (ما فدي إلاّ بتيس هبط عليه من ثبير فذبحه إبراهيم فداء عن ابنه) (١).وقيل: كان الفداء وعلا من الأوعال الجبليّة.

وأما قوله {(بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)} قال سعيد بن جبير: (حقّ عليه أن يكون عظيما، وقد رعى في الجنّة أربعين خريفا) (٢).وقال مجاهد: (سمّي لأنّه متقبّل) (٣)،وقال الحسن ابن الفضل: (لأنّه كان من عند الله تعالى)،وقال أبو بكر الورّاق: (لأنّه لم يكن عن نسل وإنّما كان بالتّكوين).


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٢٦٦٤).والبغوي في معالم التنزيل: ص ١٠٩٥.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٢٦٥٥).والبغوي في معالم التنزيل: ص ١٠٩٥.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٢٦٦٥).والبغوي في معالم التنزيل: ص ١٠٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>