للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقوله) (١).قال شريح: (إنّما العجب ممّن لا يعلم، والله تعالى عنده علم كلّ شيء) (٢).

وقرأ الباقون {(بَلْ عَجِبْتَ)} بفتح التاء على خطاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. و {(بَلْ)} معناه: ترك الكلام الأوّل والآخر في كلام آخر، كأنّه قال: دع يا محمّد ما مضى عجيب من كفار مكّة حين أوحي إليك القرآن ولم يؤمنوا به.

وقوله تعالى {(وَيَسْخَرُونَ)} لأنّ سخريتهم بالقرآن ترك الإيمان به، قال قتادة:

(عجب نبيّ الله من هذا القرآن حين نزل عليه، وظنّ أنّ كلّ من سمعه آمن به، فلمّا سمعه المشركون ولم يؤمنوا به وسخروا منه، عجب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من ذلك، فقال الله عزّ وجلّ: عجبت يا محمّد من نزول القرآن عليك وتركهم الإيمان) (٣).

قوله تعالى: {وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ} (١٣)؛واذا وعظوا بالقرآن لا يتّعظون،

{وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ} (١٤)؛إذا رأوا معجزة مثل انشقاق القمر وغيره اتّخذوه سخرية، ونسبوا ما دلّهم على توحيد الله تعالى إلى السّحر،

{وَقالُوا إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ} (١٥).وقالوا أيضا على وجه الإنكار:

{أَإِذا مِتْنا وَكُنّا؛} صرنا؛ {تُراباً وَعِظاماً؛} بالية، {أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ} (١٦)؛أي أنبعث بعد الموت،

{أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ} (١٧)؛الذين مضوا قبلنا،

{قُلْ؛} لهم يا محمّد: {نَعَمْ؛} تبعثون {وَأَنْتُمْ داخِرُونَ} (١٨)؛أنتم وآباؤكم؛ أي وأنتم أذلاّء صاغرون، والدّخور أشدّ الذّلّ.

ثم ذكر أنّ بعثهم يقع بزجرة واحدة؛ أي بصيحة واحدة، فإذا هم قيام ينظرون ماذا يؤمرون به،

وقوله تعالى: {فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ؛} أي فإنّما قضية البعث


(١) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ١٠٨٧.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير: ج ١٠ ص ٣٢٠٦.وفي الدر المنثور: ج ٧ ص ٨٢؛ قال السيوطي: (أخرجه أبو عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق الأعمش).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٢٤٤٨).وابن أبي حاتم في التفسير الكبير: ج ١٠ ص ٣٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>