وقوله تعالى:{وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ؛} أي يقال لهم: لستم تسألون عن الإغواء والغواية، ولكن ادعوا آلهتكم حتى يذودوا عنكم العذاب، {فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ؛} أي لم يجيبوهم إلى نصرتهم {وَرَأَوُا الْعَذابَ؛} أي رأوا كلّهم القادة والأتباع العذاب. وقوله تعالى:{لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ}(٦٤)؛جواب (لو) محذوف تقديره: لو أنّهم كانوا يهتدون في الدّنيا لما رأوا العذاب.
قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ماذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (٦٥) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ} (٦٥)؛أي فألبست عليهم الأجوبة يومئذ، ولم يدروا ماذا يقولون من الفزع والتّحيّر، {فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ}(٦٦)؛لا يسأل بعضهم بعضا في تلك السّاعة لردّ الجواب. وقيل: لا يسأل أحد عن حال أحد لانشغال كلّ واحد منهم بنفسه. وقيل: لا يسأل أحد أحدا أن يترك طاعة أو يتحمّل عنه معصية، ومعنى قوله تعالى {(فَعَمِيَتْ)} اي خفيت واشتبهت عليهم الأنباء.
قوله تعالى:{فَأَمّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً؛} أي من تاب من الشّرك وآمن وصدّق بتوحيد الله وبمحمّد صلّى الله عليه وسلّم {(وَعَمِلَ صالِحاً)} أي أدّى الفرائض، {فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ}(٦٧)؛أي من النّاجين الفائزين.
قوله تعالى:{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ؛} وذلك أنّ الوليد بن المغيرة كان يقول: لولا نزّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم، يعني نفسه وأبا مسعود الثقفيّ، فأنزل الله هذه الآية {(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ)} من ينبّأ للرسالة والنّبوة؛ أي فكما أن الخلق إليه يخلق ما يشاء، فكذلك الاختيار إليه في جميع الأمور، فيختار ممّن خلق ما يشاء.
قوله تعالى:{ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ؛} ابتداء الكلام نفي الاختيار عن المشركين، وذلك أنّهم اختاروا الوليد بن المغيرة من مكّة وأبو عروة بن مسعود من الطّائف، فقال الله {(ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)} أي ليس لهم الاختيار على الله، ثم نزّه الله نفسه فقال:{سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ}(٦٨)؛ومن قرأ «(ونختار ما كان لهم الخيرة)» من غير أن يقف على «(ونختار)»،جعل {(ما)} بمعنى الّذي، كأنّه قال: