للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقال: إنّ قوله تعالى {(عَدُوٌّ)} في موضع المصدر، كأنّه قال ذوو عداوة، فوقعت الصفة موقع المصدر، كما يقع المصدر موقع الصفة في رجل عدل، ويجوز أن يكون قوله تعالى {(إِلاّ رَبَّ الْعالَمِينَ)} استثناء منقطع، معناه: ولكنّ ربّ العالمين الذي خلقني ليس بعدوّ لي هو يهدين؛ أي يرشدني إلى الحقّ، وذلك أنّهم كانوا يزعمون أن أصنامهم هي التي تهديهم، فقال إبراهيم ردّا عليهم:

{الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} (٧٨)؛إلى الدّين والرّشد لا ما تعبدون.

وقوله تعالى: {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} (٧٩)؛أي هو رازقي، فمن عنده طعامي فهو الذي يشبعني إذا جعت، ويرويني إذا عطشت،

{وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} (٨٠)؛أي يعافيني من المرض، وذلك أنّهم كانوا يقولون: المرض من الزّمان، والأغذية والشّفاء من الأطبّاء والأدوية، فأخبر إبراهيم أنّ الذي أمرض هو الذي يشفي وهو الله عزّ وجلّ، ولم يقل إبراهيم فأمرضتني؛ لأنه يقال مرضت، وإن كان المرض بخلق الله وقضائه، ولا يقال أمرضني الله.

قوله تعالى: {وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} (٨١)؛أي هو الذي يميتني في الدّنيا ثم يحييني في الآخرة للبعث،

{وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي؛} معناه: والذي أعلم وأرجو أن يغفر لي يوم الحساب. وذكره بلفظ الطّمع؛ لأن ذلك أقرب إلى حسن الأدب. وقال بعض المفسّرين (١):يعني الكذبات الثلاث، قوله: إنّي سقيم، وقوله: بل فعله كبيرهم هذا، وقوله لسارة: هي أختي. وزاد الحسن والكلبيّ قوله أيضا للكواكب: هذا ربي.

قال الزجّاج: (إنّ الأنبياء بشر (٢) يجوز أن تقع منهم الخطيئة، إلاّ أنّهم لا تكون منهم الكبيرة؛ لأنّهم معصومون) (٣).قوله تعالى: {يَوْمَ الدِّينِ} (٨٢)؛أي يوم الجزاء والحساب.


(١) هو مجاهد كما في جامع البيان: الأثر (٧٠٢٥٧).
(٢) في المخطوط: إن الأنبياء ليس يجوز أن ... ) والصحيح كما أثبتناه، (إن الأنبياء بشر يجوز أن ... )، وكما هو في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٣ ص ١١٢،وبه يستقيم المعنى.
(٣) في معاني القرآن وإعرابه: ج ٤ ص ٧٢ - ٧٣؛قال الزجاج: (ومعنى خطيئتي: أن الأنبياء بشر، وقد يجوز عليهم الخطيئة، إلا أنهم صلوات الله عليهم لا تكون منهم كبيرة؛ لأنهم معصومون).

<<  <  ج: ص:  >  >>