للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الضحّاك: (لمّا بزق عقبة في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، عاد بزاقه في وجهه ولسعه لسعة (١) فأحرق خدّيه، وكان أثر ذلك فيه حتّى الموت).وعن عطاء عن ابن عبّاس قال: (كان أبيّ بن خلف يجالس النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ويسمع كلامه من غير أن يؤمن به، فلمّا أراد عقبة بن أبي معيط أن يؤمن بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم زجره أبيّ بن خلف، وكان خليلا له، فقال له: وجهي من وجهك حرام إن بايعت محمّدا صلّى الله عليه وسلّم. فلم يؤمن واتّبع رضى أبيّ بن خلف، فأنزل الله هذه الآية) (٢).

قوله تعالى: {(وَيَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ)} يعني عقبة بن أبي معيط، يعضّ على يديه تندّما وتحسّرا وأسفا على ما فرّط في جنب الله. قال عطاء: (يأكل يديه حتّى يذهبا إلى المرفقين، ثمّ ينبتان، فلا يزال هكذا دأبه، كلّما نبتت يده أكلها ندامة على ما فعل، وذلك يوم القيامة.

ثم {يَقُولُ،} على وجه التحسر: {يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً} (٢٧)؛أي ليتني اتبعت الرسول وسلكت طريقته فإنّها طريق الهدى،

{يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً} (٢٨)؛يعني أبيّ بن خلف،

{لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي؛} أي لقد صرفني عن القرآن بعد إذ دعاني محمّد صلّى الله عليه وسلّم.

قوله تعالى: {وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً} (٢٩)؛ابتداء كلام؛ أي كان الشيطان للإنسان كثير الخذلان يتبرّأ منه في الآخرة. قوله تعالى:

{(يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ)} قراءة أبي عمرو بفتح الياء من «(يا ليتني اتّخذت)»،وقتل عقبة يوم بدر صبرا كافرا.

وحكم هذه الآية في كلّ صاحبين اجتمعا على معصية الله. وقد روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: [جليس السّوء كمثل الكير، إن لم يحرق ثيابك علق بك ريحه ودخّانه] (٣)،وانشد بعضهم في ذلك:


(١) في المخطوط: (وتسعة وتسعين)،وهو تصحيف.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٩٩٩١).
(٣) رواه البخاري في الصحيح: كتاب البيوع: باب في العطار وبيع المسك: الحديث (٢١٠١).-

<<  <  ج: ص:  >  >>