للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المنع، ومنه الحجر على الصبيّ، ويجوز أن يكون محجورا من قول الكفّار للملائكة؛ أي قالوا للملائكة بعدا بيننا وبينكم. قال مجاهد: (يعني عوذا معاذا يستعيذون من الملائكة) (١).

قوله تعالى: {وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً} (٢٣) أي عمدنا إلى أعمالهم التي عملوها في الدّنيا التي كانوا يعتقدونها طاعة، فجعلناها في الآخرة بمنزلة الهباء المنثور وهو ما يقع في الكوّة من شعاع الشّمس، فيقبض القابض عليه فلا يحصل على شيء. وقيل: هو التراب الذي يصعد من حوافر الدّواب، يرى ولكن لا يقدر عليه. وقال ابن شميل: (الهباء المنثور الّذي تطيّره الرّياح كأنّه دخان)، فالمعنى: فجعلناه باطلا لا ثواب له؛ لأنّهم لم يعملوه لله، وإنّما عملوه للشّيطان.

قوله تعالى: {أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} (٢٤) أي أصحاب الجنّة يومئذ خير مستقرّا من هؤلاء المشركين المتكبرين المفتخرين بأعمالهم، وأحسن موضعا عند القيلولة من منازل الكفّار. قال ابن مسعود: (لا ينتصف النّهار يوم القيامة حتّى يقبل هؤلاء في الجنّة وهؤلاء في النّار) (٢).

قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ؛} قرأ أبو عمرو والكوفيّون بالتشديد فيهما على معنى تتشقّق السماء عن الغمام و (الباء) و (عن) يتعاقبان، يقال:

رميت بالقوس وعن القوس، ومعنى الآية: ويوم تصدّع السّماء لنزول الملائكة في الغمام بأمر الله كما تقدّم ذكره في قوله تعالى {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ} (٣) وهو غمام أبيض رقيق مثل الضّبابة.

وقوله تعالى: {وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً} (٢٥)؛أي نزّل أهل كلّ سماء على حدة منها إلى الأرض لإكرام المؤمنين وإهانة الكفّار، وأهوال ذلك اليوم. ويقال:


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: مج ١١ ج ١٩ ص ٥.وابن أبي حاتم في التفسير: ج ٨ ص ٢٦٧٨ على أنه من قول الملائكة للكفار. وفي الدر المنثور: ج ٦ ص ٢٤٥؛ قال السيوطي: (أخرجه الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير: الأثر (١٥٠٧٩).
(٣) البقرة ٢١٠/.

<<  <  ج: ص:  >  >>