للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قرأ أبو جعفر وابن كثير ويعقوب: {(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ)} بالياء، وقوله تعالى {(ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ)}،قرأ الحسن وأبو جعفر «(نتّخذ)» بضمّ النون وفتح الخاء.

قوله تعالى: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ؛} أي كذبكم المعبود بقولكم: إنّها آلهة شركاء الله، ومن قرأ «(بما يقولون)» بالياء؛ فالمعنى: كذبوهم بقولهم {(سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ)}.قال عكرمة والضحّاك والكلبيّ: (يأذن الله للأصنام في الكلام ويخاطبها فيقول: أنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم أمرتموهم بعبادتهم إيّاكم؟ أم هم ضلّوا السّبيل؟ قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتّخذ من دونك من أولياء، ولكن متّعتهم وآباءهم؛ أي أطلت أعمارهم ووسّعت عليهم الرّزق حتّى نسوا الذّكر؛ أي تركوا القرآن فلم يعملوا بما فيه) (١).وقيل: نسوا الإيمان والتوحيد، وكانوا قوما بورا، فيقول الله للمشركين: {(فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ)}.

قوله تعالى: {فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً؛} أي لا يقدرون على صرف العذاب عن أنفسهم ولا على نصر أنفسهم، ودفع العذاب والبلاء الذي هم فيه، ولا أن ينتصروا من معبودهم. قوله تعالى: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً} (١٩)؛أراد بالظّلم الشرك، ومن يشرك بالله نذقه في الآخرة عذابا شديدا.

قوله تعالى: {وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ؛} أي يأكلون كما تأكل أنت، ويمشون في الأسواق، وهذا احتجاج عليهم في قولهم {مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ}.

قوله تعالى: {وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً؛} أي بليه ابتلاء الشريف بالوضيع، والعربيّ بالمولى، فإذا أراد الشريف أن يسلم ورأى الوضيع قد


(١) في المحرر الوجيز: ص ١٣٧٨؛ نقله ابن عطية عن جمهور المفسرين. وفي معالم التنزيل: ص ٩٢٣ ذكره البغوي عن عكرمة والضحاك والكلبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>