للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووصف بعض الفصحاء هذه الشجرة فقال: (هي شجرة الرّضوان وشجرة الهدى والإيمان، أصلها نبوّة؛ وفرعها مروءة؛ وأغصانها تنزيل؛ وورقها تأويل، وخدمها ميكال وجبريل).

وقيل: إنّما شبّه الله قلب المؤمن بالزّجاجة؛ لأنّها في الزجاجة يرى من خارجها، فكذلك ما في القلوب تبين على الظاهر في الأقوال والأعمال، فكما أن الزجاجة تنكسر بأدنى شيء، فكذلك القلب يفسد بأدنى آفة تحلّه.

وقوله تعالى: {يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ؛} أي يوفّق الله للإسلام، ويدلّ بأدلته من يشاء ليعرفوا بذلك أمر دينهم. قوله تعالى: {وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ؛} أي يضرب الله الأشباه في القرآن تقريبا للشيء الذي أراده إلى الأفهام، وتسهيلا لسبيل الإدراك على الأنام، كما شبّه المعرفة في قلب المؤمن بالمصباح في الزجاجة. قوله تعالى: {وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (٣٥)؛أي عليم بكلّ شيء من مصالح العباد.

قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ؛} يعني ذلك المصباح في بيوت، قيل: معناه: توقد في بيوت وهي المساجد، أذن الله في رفعها؛ أي رفع بنائها كما قال تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} (١)،ويستدلّ من هذه الآية أن لا يؤذن في رفع شيء من الأبنية فوق الحاجة غير المساجد التي يصلّي فيها المؤمنون، ويستضيء بنور قناديلها العابدون. وقال الحسن: (معنى قوله {(أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ)} أي تعظّم وتصان عن الأنجاس واللّغو من الأقوال والأفعال وعن التّكلّم بالخنا).

قوله تعالى: {وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ؛} وفي الحديث عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

[جنّبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم؛ وبيعكم وشراءكم؛ وسلّ سيوفكم وإقامة حدودكم؛ وجمّروها في الجمع، واجعلوا على أبوابها المطاهر] (٢).قال ابن عبّاس:


(١) البقرة ١٢٧/.
(٢) رواه ابن ماجة في السنن: كتاب المساجد والجماعات: باب ما يكره في المساجد: الحديث (٧٥٠).وقال البوصيري: (إسناده ضعيف؛ فإن الحارث بن نبهان متفق على ضعفه).

<<  <  ج: ص:  >  >>