لما أتيتك به، والله يعلم أنّي لصادق وما قلته إلاّ حقّا، وإنّي لأرجو أن يجعل الله لي فرجا، فهمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يضربه الحدّ.
واجتمعت الأنصار وقالوا: ابتلينا بما قال سعد بن عبادة إلاّ أن يجلد هلالا.
فبينما هم كذلك ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يريد أن يأمر بضربه، إذ نزل عليه الوحي، فأمسكوا عن الكلام حين عرفوا أنّ الوحي قد نزل. فلمّا فرغ تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية:
(والّذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلاّ أنفسهم ... ) إلى آخر الآيات، فقال صلّى الله عليه وسلّم:[أبشر يا هلال؛ فإنّ الله قد جعل لك فرجا] فقال: قد كنت أرجو ذلك من الله.
فقال صلّى الله عليه وسلّم:[أرسلوا إليها] فجاءت، فلمّا اجتمعا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قالت:
كذب عليّ يا رسول الله، فقال هلال: يا رسول الله! ما قلت إلاّ حقّا وإنّي لصادق، فقال صلّى الله عليه وسلّم:[الله يعلم أنّ أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟] فقال هلال: والله يا رسول الله ما كذبت. فقال صلّى الله عليه وسلّم:[لاعنوا بينهما].
فقيل لهلال: اشهد بالله أربع مرّات إنّك لمن الصّادقين، فقال هلال: أشهد بالله إنّي لمن الصّادقين فيما رميتها به، قال ذلك أربع مرّات. فقال له عليه السّلام عند الخامسة:[اتّق الله يا هلال، فإنّ عذاب الدّنيا أهون من عذاب الآخرة، وإنّ عذاب الله أشدّ من عذاب النّاس، وإنّ هذه الخامسة هي الموجبة الّتي توجب عليكما العذاب].فقال هلال: والله ما يعذّبني الله عليها، كما لم يجلدني عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فشهد الخامسة أنّ لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به من الزّنا.
ثمّ قيل للمرأة: اشهدي أنت، فقالت أربع مرّات: أشهد بالله إنّه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزّنا. فقال لها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عند الخامسة:[اتّق الله فإنّ الخامسة هي الموجبة، وإنّ عذاب الله أشدّ من عذاب النّاس] فسكتت ساعة وهمّت بالاعتراف، ثمّ قالت: والله لا أفضح قومي، فشهدت الخامسة أنّ غضب الله عليها إن كان من الصّادقين فيما رماها به من الزّنا. ففرّق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بينهما، وقضى أنّ الولد لها ولا يدعى لأب.