للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرأ أبو جعفر: «(تطوى السّماء)» بالتاء، ورفع «(السّماء)» على ما لم يسمّ فاعله.

وقرأ أهل الكوفة: {(لِلْكُتُبِ)} على الجمع.

والمراد بطيّ السّماء أنّ الله تعالى يطويها، ثم يفتحها ثم يعيدها، ولذلك قال:

{كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ؛} أي كما بدأناها أوّل مرّة، نعيدها إلى الحالة الأولى. ويجوز أن يكون معنى قوله {(كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ)} نعيد الخلق للبعث كما بدأناه في النّطفة، ودليل هذا القول قوله تعالى: {كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} (١).

والطّيّ في هذه الآية يحتمل معنيين؛ أحدهما: الدّرج الذي هو ضدّ النّشر، قال الله تعالى: {وَالسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ} (٢).والثّاني: الإخفاء والتّعمية والمحو والطّمس؛ لأن الله تعالى يمحو رسومها ويكدر نجومها. وقيل: معنى قوله تعالى {(كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ)}:كما بدأناهم في بطون أمّهاتهم حفاة عراة غرلا، كذلك نعيدهم يوم القيامة.

قوله تعالى: {وَعْداً عَلَيْنا؛} نصب على المصدر بمعنى: قد وعدناهم هذا وعدا، قوله تعالى: {إِنّا كُنّا فاعِلِينَ} (١٠٤)؛ما وعدناكم من ذلك، وقيل: فاعلين الإعادة والبعث.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ} (١٠٥)؛أي كتبنا في زبور داود من بعد توراة موسى.

وقال ابن عبّاس والضحّاك: (الذّكر التّوراة، والزّبور الكتب المنزّلة من بعد التّوراة) (٣).وقيل: الزبور زبور داود، والذّكر الفرقان، و (بعد) بمعنى (قبل) كقوله تعالى {وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ} (٤) أي أمامهم، وقوله {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها} (٥) أي قبل ذلك. قوله تعالى: {(أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ)} يعني أرض الجنّة يرثها عبادي الصّالحون من أمّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم. وقيل: جميع المؤمنين العاملين بطاعة الله.


(١) الأعراف ٢٩/.
(٢) الزمر ٦٧/.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٨٨٠٤ - ١٨٨٠٥).
(٤) الكهف ٧٩/.
(٥) النازعات ٣٠/.

<<  <  ج: ص:  >  >>