للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {حَتّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ؛} أي إذا فتحت جهة يأجوج ومأجوج، وفتحها إخراجها من السدّ. قرأ ابن عامر ويعقوب: «(فتّحت)» بالتشديد على التكثير.

وقوله تعالى: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} (٩٦)؛أي من كلّ أكمة وربوة مرتفعة من الأرض يخرجون بإسراع، والحدب: الارتفاع ومنه الحدبة خروج الظّهر، وتبيّنه. والنّسول: هو الخروج بسرعة كنسلان الذّئب يعني مشيه اذا أسرع فيها.

والمعنى: أنّهم من كلّ نشر من الأرض يسرعون ويتفرّقون في الأرض، فلا يرى أكمة إلاّ وفوقها قوم منهم يهبطون منها مسرعين، فلا يمرّون بماء إلاّ شربوه ولا بشيء إلاّ أفسدوه.

قال المفسّرون: أولاد آدم عشرة أجزاء، تسعة يأجوج ومأجوج، وقد ذكرنا قصّتهم في سورة الكهف.

قوله تعالى: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ؛} قيل: إن الواو هاهنا مقحمة، والمعنى: حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج اقترب الوعد الحقّ، يكون ذلك عند اقتراب السّاعة، وذكر الوعد والمراد به الموعد.

روي عن حذيفة رضي الله عنه أنّه قال: (لو أنّ رجلا اقتنى فلوّا (١) بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتّى تقوم السّاعة) (٢).

قوله تعالى: {فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا؛} أي تشخص أبصارهم يوم القيامة نحو الجهة التي يتوقّعون نزول العذاب بهم منها. وقيل: خشعت أبصارهم من شدّة الأهوال ذلك اليوم. قال الكلبيّ: (شخصت أبصارهم فلا تطيق تطرف من شدّة الأهوال)،فأما الضمير في قوله (فإذا هي شاخصة) يعود إلى معلوم


(١) الفلوّ: بتشديد الواو: المهر، والأنثى (فلوّة).وعند الطبري بلفظ: [افتلى فلوّا] أي نتجها.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٨٧٥٨).وذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ٨٥٤. والسيوطي في الدر المنثور: ج ٥ ص ٦٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>