للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها؛} وإن كان العمل الذي عمله وزن حبّة من خردل أتينا بها للجزاء، وقيل: معناه: وإن كان الظلامة مثقال حبّة من خردل أحضرناها للمجازاة حتى لا يبقى لأحد عند أحد ظلامة.

قرأ أهل المدينة «(مثقال)» بالرفع على {(إِنْ كانَ)} بمعنى وقع لا خبر لها، وقرأ العامة بالنصب على معنى وإن كان ذلك الشيء، ومثله في لقمان (١).قوله تعالى:

{وَكَفى بِنا حاسِبِينَ} (٤٧)؛أي محفظين، وقيل: حافظين؛ لأن من حسب شيئا علمه وحفظه.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ؛} أي التوراة يفرّق بها بين الحقّ والباطل؛ والحلال والحرام، {وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ} (٤٨)؛من صفة التوراة مثل قوله تعالى: {هُدىً وَنُورٌ} (٢)،والمعنى: أنّهم استضاءوا بها حتى اهتدوا في دينهم، وقوله تعالى: {(وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ)} أي موعظة للمتقين الكبائر والفواحش. وعن ابن عبّاس: أنه كان يقرأ «(ضياء)» بحذف الواو، وكان يقول: «(آتينا موسى وهارون الفرقان ضياء)» (٣).

قوله تعالى: {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ؛} في الدّنيا غائبين (٤) عن الآخرة، {وَهُمْ مِنَ السّاعَةِ مُشْفِقُونَ} (٤٩)؛أي خائفون من أن تلحقهم الساعة، مما يجري فيها من المحاسبة قبل إصلاح أعمالهم.


(١) في سورة لقمان ١٦/، قال تعالى: إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ.
(٢) المائدة ٤٤/.
(٣) أخرجه بن أبي حاتم في التفسير: الأثر (١٣٦٦٥).وفي الدر المنثور: ج ٥ ص ٦٣٤؛ قال السيوطي: (أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم).
(٤) (أي غائبين؛ لأنهم لم يروا الله تعالى، بل عرفوا بالنظر والاستدلال أن لهم ربّا قادرا، يجازي على الأعمال فهم يخشونه في سرائرهم) قاله القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١١ ص ٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>