للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} (٣١)؛أي جعلنا في الأرض طرقا واسعة ليهتدوا إلى مواطنهم، والفجّ: الطريق الواسع بين الجبلين. قوله تعالى: {(سُبُلاً)} تفسير الفجاج.

قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً؛} أي محفوظا من السّقوط، وقيل: محفوظا من الشياطين بالنّجوم، قال الله تعالى: {وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ} (١).قوله تعالى: {وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ} (٣٢)؛يعني المشركين يعرضون عن آياتها، يعني شمسها وقمرها ونجومها، لا يتفكّرون فيها فيعلمون أن خالقها لا شريك له.

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ؛} أي خلقهما بعد رفع السّماء عن وجه الأرض وسخّر {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ؛} من الشّمس والقمر في مواضعها التي ركّبت فيها، {يَسْبَحُونَ} (٣٣)؛أي يجرون بسرعة كالسّابح في الماء، وقد قال في مواضع آخر {وَالسّابِحاتِ سَبْحاً} (٢) يعني النّجوم، قال الضحّاك:

(الفلك هو المجرى الّذي يجري فيه الشّمس والقمر)،ويقال: هو موج كغرف يجريان فيه. قال القتيبيّ: (الفلك القطب الّذي تدور به النّجوم، وهو كوكب خفيّ بقرب الفرقدين، وبنات نعش عليه تدور السّماء).وقال الحسن: (هو الطّاحونة كهيئة فلكة المغزل) (٣)،فالفلك في كلام العرب: هو كلّ شيء دائر، وجمعه أفلاك.

قوله تعالى: {وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ؛} روي أنّ هذا نزل جوابا لقول الكفّار: ننتظر بمحمّد ريب المنون فنستريح منه، والمعنى: وما جعلنا لبشر من قبلك البقاء الدائم؛ يعني أن سبيله سبيل من مضى من بني آدم في الموت، {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ} (٣٤)؛يعني مشركي مكة لمّا قالوا: نتربص بمحمّد ريب المنون،

{كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ،} فقيل لهم: إن مات فأنتم أيضا تموتون؛ لأن كلّ نفس ذائقة الموت.


(١) الحجر ١٧/.
(٢) النازعات ٣/.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٨٥٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>