للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبو أسامة: (الفردوس سرّة الجنّة) (١).وقال كعب: (ليس في الجنّة جنّة أرفع من الفردوس، فيها الآمرون بالمعروف، والنّاهون عن المنكر) (٢).

قوله تعالى: {خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً} (١٠٨) أي مقيمين فيها لا يطلبون عنها تحويلا. قال صلّى الله عليه وسلّم: [إنّ الفردوس أرفع موضع في الجنّة وأحسنه] (٣).

قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي؛} الآية، وذلك أنه لمّا نزل قوله تعالى: {وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً} (٤) وقالت اليهود والنصارى: أوتينا علما كثيرا، أوتينا التوراة فيها علم كلّ شيء، فأنزل الله هذه الآية؛ أي لو كان البحر مدادا لعلم ربي وحكمته، فيكتب من البحر كما يكتب من المداد، {لَنَفِدَ الْبَحْرُ} وتكسّرت الأقلام، {قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ؛} أي بمثل البحر، {مَدَداً} (١٠٩)؛لهذا البحر. ويقال أراد ب‍ {(لِكَلِماتِ رَبِّي)} معاني القرآن والأحكام المستنبطة منه، والمدد شيء بعد شيء.

قوله تعالى: {قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ؛} أي قل يا محمّد: إنّما أنا بشر آدميّ مثلكم. قال ابن عبّاس: (علّم الله نبيّه التّواضع لئلاّ يتباهى (٥) على خلقه، فأمره الله أن يقرّ على نفسه بأنّه آدميّ كغيره إلاّ أنّه أكرم بالوحي (٦)،وهو قوله تعالى:

{يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ} لا شريك له، {فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ} أي يخشى لقاء ربه ويخاف البعث في المصير إليه، {فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً؛} أي خالصا لا يرى في عبادة الله أحدا، {وَلا يُشْرِكْ؛} مع الله غيره في العبادة.

وقال سعيد بن جبير: معناه (ولا يرى) {بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} (١١٠)؛وعن عطاء عن ابن عباس قال: (قال: {وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}،ولم يقل: ولا يشرك به؛


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٧٦٣٥).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٧٦٣٦).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (١٧٦٤٥)، بإسنادين.
(٤) الاسراء ٨٥/.
(٥) في المخطوط: (-ها) فرسمت ال‍ (ها) بعد الفراغ، والتقدير أنه يراد به: (يتباها).
(٦) ذكره ابن عادل في اللباب في علوم الكتاب: ج ١٢ ص ٥٧٩ مختصرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>