للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي؛} وإنّما فعلته بأمر الله تعالى، {ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً} (٨٢)؛وأصله تستطع؛ إلاّ أن الطاء والتاء من مخرج واحد، فحذف التاء لمّا اجتمعا لتخفيف اللفظ.

وروي أن الخضر لمّا أراد أن يفارق موسى أوصاه، قال يا موسى: أفرغ عن اللّجاجة ولا تمش في غير حاجة، ولا تضحك من غير عجب، ولا تعيّر المذنبين بخطاياهم، وابك على خطيئتك يا ابن عمران.

قوله تعالى: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً} (٨٣)؛يعني يسألك اليهود يا محمّد عن خبر ذي القرنين {(قُلْ سَأَتْلُوا)} سأقرأ عليكم خبره. قال مجاهد: (ملك الأرض أربعة: مؤمنان وكافران، فالمؤمنان سليمان وذو القرنين، والكافران النّمرود وبخت نصّر).

واختلفوا في تسميته بذي القرنين، فقال بعضهم: لأنه ملك فارس والرّوم، وقيل: لأنه دعا قومه إلى التوحيد، فضربوه على قرنه الأيسر، وقيل: على قرنيه، وقيل: لأنه دخل النور والظلمة، وقيل: لأنه بلغ قطري الأرض، وكان اسمه اسكندر.

قوله تعالى: {إِنّا مَكَّنّا لَهُ فِي الْأَرْضِ؛} أي مكّنّاه في الأرض، {وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً} (٨٤)؛أي من كلّ شيء تستعين به الملوك على فتح المدائن ومحاربة الأعداء، {(سَبَباً)} أي بلادا إلى حيث أراد، وقيل: قرّبنا له أقطار الأرض، كما سخّرنا الريح لسليمان. وقال عليّ رضي الله عنه: (سخّر الله له السّحاب فحمله عليها ومدّ له في الأسباب، وبسط له النّور، وكان اللّيل والنّهار عليه سواء) وهذا معنى تمكّنه في الأرض، وهو أنه سهّل عليه المسير فيها، وذلّل له طرقها.

قوله تعالى: {فَأَتْبَعَ سَبَباً} (٨٥)؛أي طريقا تؤدّيه إلى مغرب الشّمس.

قوله تعالى: {حَتّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ؛} أي إلى قوم لم يكن بينهم وبين مغرب الشّمس أحد؛ لأنه لا يمكنه أن يبلغ موضع غروب الشّمس. قوله تعالى:

{وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ؛} أي رآها تغرب في الماء، وقيل: في عين ذات حمأة وهي الطين الأسود المنتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>