للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ؛} أي قل ربي أعلم كم كان عددهم، وقوله تعالى: {ما يَعْلَمُهُمْ إِلاّ قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلاّ مِراءً ظاهِراً؛} عنى به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه تعالى أخبره بعدّتهم، وأمره أن لا يمار في معرفة من أدّعى عددهم إلاّ بأن بيّن له أنه يقوله بغير حجّة، ولا خبر عنده من الله، فإنّ هذا العلم ليس عند أهل الكتاب، وهذا هو المراد الظاهر.

وقوله تعالى: {وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً} (٢٢)؛أي لا تستفت في أصحاب الكهف من اليهود وأهل الكتاب أحدا، فالخطاب للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والمراد به أمّته، فإنه مستغنيا بإخبار الله إياه عن أن يستفتيهم. وعن ابن عبّاس أنه قال:

(أنا من القليل الّذي يعلم عددهم كانوا سبعة وثامنهم كلبهم) (١)،وإنّما عرفه سماعا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

قوله تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (٢٣) إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ؛} أي لا تقل إنّي فاعل شيئا حتى تقرن به قولك إن شاء الله، فلعلّك لا تبقى إلى الغد، ولا تقدر عليه من الغد.

قال المفسّرون: لمّا سأل اليهود النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن خبر الفتية وعدهم أن يخبرهم غدا، ولم يقل إن شاء الله، فحبس عنه الوحي حتى شقّ عليه، وأنزل هذه الآية يأمره بالاستثناء بمشيئة الله (٢).

قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ؛} قال ابن عبّاس ومجاهد: (معناه إذا نسيت الاستثناء ثمّ ذكرته فاستثن)،وقال سعيد بن جبير: (إذا قلت لشيء: إنّي فاعله غدا؛ ونسيت الاستثناء بمشيئة الله، ثمّ تذكّرت، فقل: إن شاء الله، وإن كان بعد يوم أو بعد شهر أو سنة).


(٣) -عددها: ستة سبعة وثمانية، فتدخل الواو في الثمانية. وحكى نحوه القفال فقال: إن قوما قالوا العدد ينتهي عند العرب إلى سبعة، فإذا احتيج إلى الزيادة عليها استؤنفت خبر آخر بإدخال الواو).
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٧٣ ١٩).وفي الدر المنثور: ج ٥ ص ٣٧٥؛قال السيوطي: (أخرجه عبد الرزاق والفريابي وابن سعد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق).
(٢) قاله الطبري في جامع البيان: ج ٩ ص ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>