للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى في الفتية {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ} (١) ... إلى آخر القصّة، وأنزل الله {وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ} (٢) ... إلى آخر القصّة، وأنزل الله في الرّوح {(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ... )} الآية، وإنّما سألته اليهود عن الرّوح لأنّه ليس في التّوراة قصّته ولا تفسيره، وليس فيها إلاّ ذكر اسمه الرّوح) (٣).

وقال سعيد بن جبير: (لم يخلق الله خلقا أعظم من الرّوح غير العرش، لو شاء أن يبلع السّماوات السّبع والأرض السّبع ومن فيهما بلقمة فعل، صورة خلقه على صورة الملائكة، وصورة وجهه على وجه الآدميّين، ولولا أنّ بينه وبين الملائكة سترا من نور لاحترقت السّماوات من نوره).

ويقال: أراد بالرّوح روح الحيوان وهو ظاهر الكلام، وفي روح الحيوان خلاف بين العلماء، وكلّ حيوان فهو روح وبدن، وروح الحيوان جسم رقيق على بنية حيوانيّة، في كلّ جزء منها حياة.

قوله تعالى: {(قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)} أي من الأمر الذي لا يعلمه إلا ربي، وإنما لم يجبهم عن ذلك؛ لأن اليهود هم الذين سألوه عن الروح، وكان في كتابهم أنه إن أجابهم عن الروح فليس بنبيّ! فلم يجبهم تصديقا لما في كتابهم، وكانت المصلحة في هذا أن لا يعرّفهم الروح من جهة النصّ، بل يكلّمهم في تعريفه إلى ما في عقولهم، لما في ذلك من الرياضة باستخراج الفائدة.

وقال بعضهم: هو الدم! ألا ترى أنه من نزف دمه مات، والميت لا يفقد من جسمه إلا الدم. وزعم قوم: أن الروح هو استنشاق الهواء، ألا ترى أن المخنوق ومن منع استنشاق وشمّ الهواء يموت.

وقال بعض الحكماء: إن الله خلق الروح من ستّة أشياء: من جوهر النّور والطّيب والهواء لبقاء الحياة والعلم والعلوّ، ألا ترى أنه ما دام في الجسد كان الجسد


(١) الكهف ٩/.
(٢) الكهف ٨٣/.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (١٧١٠٦) بأسانيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>