للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسئل عيسى عليه السّلام عنهم فقال: (هم الّذين نظروا إلى باطن الدّنيا حين نظر النّاس إلى ظاهرها، ونظروا إلى آجلها حين نظر النّاس إلى عاجلها، فأحيوا ذكر الموت وأماتوا ذكر الحياة، يحبّون الله ويحبّون ذكره).

قوله: {لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ؛} معناه: لهم البشرى في الحياة بالقرآن، وفي الآخرة بالجنّة. ويقال: أراد بالبشرى في الدّنيا بشارة الملائكة {أَلاّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا .. }. الآية (١).

وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: [لم يبق من النّبوّة بعدي إلاّ المبشّرات] قيل:

وما المبشّرات؟ قال عليه السّلام: [الرّؤيا الصّالحة يراها العبد الصّالح لنفسه] (٢) وقرأ له:

[وهي جزء من ستّة وأربعين جزءا من النّبوّة، فمن أري ذلك فليخبر بها] (٣).

قوله تعالى: {لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ؛} أي لا خلف في وعد الله، وقوله تعالى: {ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (٦٤)؛أي ذلكم الذي وعدكم الله هو الثواب الوافر والنجاة الوافرة.

قوله تعالى: {وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ؛} أي لا يحزنك يا محمّد تكذيبهم إيّاك وتهديدهم لك بالقتل، وفيه تسلية للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم على كفرهم وتكذيبهم ونسبتهم له إلى الافتراء على ربه، وقوله تعالى: {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً؛} استئناف كلام، ولذلك كسرت (إنّ)،والمعنى: فإنّ القوة لله جميعا يمنعهم عنك بعزّته، ولا يتعذر أحد الا بإذنه وهو ناصرك وناصر دينك، و {هُوَ السَّمِيعُ؛} لمقالة الكفّار {الْعَلِيمُ} (٦٥)؛بضمائرهم. ولا يجوز أن يقرأ «(أنّ العزّة)» بالنصب لاستحالة أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يحزنه قول الكفار بأنّ العزة لله جميعا.


(١) فصلت ٣٠/.
(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: الحديث (٣٠٥١) عن حذيفة بأسانيد. وفي مجمع الزوائد: ج ٧ ص ١٧٣؛قال الهيثمي: ((رواه الطبراني والبزار ورجال الطبراني ثقات)).
(٣) أصله في صحيح البخاري: كتاب الرؤيا: باب رؤيا الصالحين: الحديث (٦٩٨٣)،وباب من رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم: الحديث (٦٩٩٤) عن أنس بن مالك. وفي مجمع الزوائد: ج ٧ ص ١٧٢؛قال الهيثمي: ((رواه أبو يعلى والطبراني ورجاله رجال الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>