للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تشبيه الحياة الدنيا بالمطر الذي ينزل فينبت به النبات، ثم يقضى فينقطع أنه كما لا يبقى من ذلك شيء من ذلك النبات، كذلك المتمسّك بالدنيا أقوى ما ينتهي إليه أمر دنياه يأتيه الموت.

وقرأ ابن مسعود «وتزيّنت»،وقرأ أبو عثمان الشهدي والضحّاك «(وازّانت)» على وزن (احمارّت)،وقرأ أبو رجاء والشعبيّ والحسن «(وازّيّنت)» على مثال (افّعّلت) مقطوعة الألف ساكنة الزاي، قال قطرب معناه: (أتت بالزّينة) كما يقال: أذكَرت المرأة وأنّثت إذا أتت بالذّكور والإناث.

قوله تعالى: {كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ؛} أي كما فصّلناكم، فكذلك نبيّن الآيات في القرآن، {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (٢٤)؛في أمر الدّنيا والآخرة، وإنما خصّ بذلك من يتفكّر؛ لأن الغافل عن ذلك والمتغافل لا يكاد ينتفع بهذه الأمور، بل هو كالأنعام وأضلّ.

قوله تعالى: {وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ؛} قال ابن عبّاس: (والله يدعو إلى عمل الجنّة)،وقال: (الله السّلام، وداره الجنّة) {وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} (٢٥)؛أي يكرم من يشاء بالكرامة وبالهداية إلى دين القيم، قائم برضاء الله وهو الإسلام، ويقال: معنى دار السّلام الدار التي يسلم أهلها عن الآفات والأمراض والهرم والموت، والسّلام بمعنى كالرّضاع والرّضاعة.

قوله تعالى: {*لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ؛} أي للّذين أحسنوا العمل في الدّنيا لهم الحسنى وهي الجنة ولذاتها. قوله تعالى: {(وَزِيادَةٌ)} روي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال حين تلا هذه الآية: (أتدرون ما الزّيادة؟ قالوا: ما هي يا خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: الحسنى الجنّة والزّيادة النّظر إلى وجه الله تعالى) (١).

وعلى هذا القول حذيفة وأبو موسى وصهيب (٢) وعبادة بن الصّامت وكعب ابن عجرة وعامر بن سعيد والحسن وعكرمة وأبو الجوزاء والضحّاك والسديّ وعطاء


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير: الأثر (١٠٣٤١).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٣٦٥٠)،وقال: (وقتادة).

<<  <  ج: ص:  >  >>