للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي بأنبيائه ورسله وكتبه، وقوله تعالى: {إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ} (١٧)؛ أي لا يوصلهم إلى مرادهم.

قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ؛} أي وإنّ أهل مكّة يعبدون من دون الله الأصنام التي لا يضرّهم إن تركوا عبادتها ولا ينفعهم إن عبدوها، {وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ؛} فإنه الذي أذن لنا في عبادتها وأنه يستشفعها فينا، وأرادوا بذلك شفاعة الأصنام في مصالح دنياهم؛ لأنّهم كانوا لا يقرّون بالبعث.

قوله تعالى: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ؛} هذا لا يكون أبدا. {سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ} (١٨)؛أي تنزيها لله عن كلّ صفة لا تليق بذاته، وارتفع وتبرّأ عمّا يشركون به من الأصنام والأوثان.

قوله تعالى: {وَما كانَ النّاسُ إِلاّ أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا؛} اختلف الناس في المراد بهذه الآية، قال بعضهم: أراد بذلك أنّ الناس كانوا أمّة واحدة في وقت آدم عليه السّلام، ثم اختلفوا بأن كفّر بعضهم بعضا، وأوّل من اختلف قابيل وهابيل.

ويقال: أراد به الناس كلّهم ولدوا على الفطرة، ثم اختلفوا بأن غيّر بعضهم الفطرة ولم يغيّر بعضهم، بل ثبت عليها.

وقال بعضهم: أراد بذلك أنّهم كانوا أمة واحدة على عهد إبراهيم ونوح عليهما السّلام كلّهم كانوا كافرين، فتفرّقوا بين مؤمن وكافر. ويقال: أراد بالناس ههنا العرب، كانوا على الشّرك قبل مبعث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثم اختلفوا بعده، فآمن بعضهم وكفر بعضهم. فالقول الأوّل أقرب إلى ظاهر الآية.

قوله تعالى: {وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (١٩)؛لو كان لكم من الله سبق ببقاء التكليف على الناس أي وقت معلوم سواء أطاعوه أو عصوه لما علم من المصلحة لهم ولغيرهم في ذلك، لعجّل لهم العذاب عند العصيان، فاضطرّهم إلى معرفة الحقّ فيما اختلفوا فيه. وقرأ عيسى بن عمر «(لقضى بينهم)» بالفتح.

<<  <  ج: ص:  >  >>