قوله تعالى:{يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ؛} فيه بيان عرض الذي لأجله اشتراهم، وهو أن يقاتلوا العدوّ في طاعة الله، ومعناه: فيقتلون المشركين، ويقتلهم المشركون، وعلى هذا أكثر القرّاء، حمزة والكسائي (فيقتلون) بالرفع، (ويقتلون) بالنصب، واختار الحسن هذه القراءة لأنه إذا قرئ هكذا كان تسليم النفس إلى الشّراء أقرب، وإنما يستحقّ البائع تسليم الثمن إليه تسليم المبيع.
قوله تعالى:{وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا؛} نصب على المصدر؛ أي أوجب الله لهم الجنّة ووعدهم وعد حقّ منه لهم. وإنّما قال (حقّا) للفصل بين الوعد الذي حجره على وجه الجزاء لهم على العمل، وبين الوعد ينجزه للتصديق على وجه التفضيل لا الجزاء لهم على العمل.
قوله تعالى:{فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ؛} أي أوجب الله الجنة للمؤمنين في جميع كتبه التي أنزلها الله على أنبيائه عليهم السّلام، قوله تعالى:{وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ؛} أي ليس أحد أوفى من الله في وعده وشرطه، وعدكم وعدا ولا يخلف لوعده.
قوله تعالى:{فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ؛} أي ببيعكم أنفسكم من الله، فإنه لا يشري أرفع من الله سبحانه، ولا ثمن أعلى من الجنّة. وقيل: إنّ هذا أنزل في الذين بايعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيعة الرضوان تحت الشجرة، ثم صار عامّا في كلّ من يعمل مثل عملهم.
قال محمّد بن كعب:(لمّا بايعت الأنصار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة العقبة بمكّة وهم سبعون نقيبا، قال عبد الله بن رواحة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم اشترط لربك ولنفسك ما شئت، فقال:[اشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأشترط لنفسي أن تمنعوني ممّا تمنعون عنه أنفسكم وأموالكم] قالوا: وإذا فعلنا ذلك فما لنا؟ قال:[الجنّة]،قال:
ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل، فنزل قوله تعالى {(إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ)} ثمّ هداهم الله بقوله {(فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ))}.
قال الحسن:(اسمعوا إلى بيعة رابحة بايع الله بها كلّ مؤمن، والله ما على الأرض مؤمن إلاّ وقد دخل في هذه البيعة).قال: (ومرّ أعرابيّ على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو